للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثمرة الخلاف بين الاتجاهين]

وإنما تظهر ثمرة الخلاف بين الاتجاهين: في اختلاف النظرة إلى حالة المساواة بين المسكوت عنه والمنطوق به في الحكم.

فالقائلون بوجوب الأولوية في مفهوم الموافقة: يرون أن ثبوت حكم المنطوق به للمسكوت عنه في حال المساواة، إنما يكون بطريق القياس، وليس بطريق النص، وفرق بين ما تجري عليه أحكام القياس، وبين ما يأخذ حكم المنصوص.

أما القائلون بعدم اشتراط الأولوية: فثبوت حكم المنطوق للمسكوت في حال المساواة، إنما يكون بطريق النص المقابل للقياس، فيأخذ حكم المنصوص، ولا يدخل في عداد ما تجري عليه أحكام القياس، وذلك ما رأيناه عند الحنفية والمتكلمين وألمحنا إليه غير مرة، فكلاهما يعتبر المدلول عليه من هذه الطريق، مدلولًا عليه بالنص وإن اختلفت التسمية في الطريق؛ فالحنفية يسمُّونها "دلالة النص"، والشافعية يعتبرونها من المفهوم فيسمونها "مفهوم الموافقة".

[مفهوم الموافقة بين القطعية والظنية]

في مبحث دلالة النص عند الحنفية: رأيناهم يقسمونها إلى قطعية وظنية، وذلك ما نراه عند إمام الحرمين والآمدي وغيرهما من المتكلمين، حيث قسموا مفهوم الموافقة إلى قطعي وظني:

أ - فالقطعي: ما يكون فيه التعليلُ بالمعنى، وكونه أشدَّ مناسبة للحكم في المسكوت عنه من المنطوق به: قطعيين.

ب - والظني ما يكون فيه التعليل بالمعنى، وكونِه أشدَّ مناسبة للحكم في المسكوت عنه: ظنيين، أو أحدهما ظنيًا.

وقد عبّر إمام الحرمين عن الأول بالنص، وعن الثاني بالظاهر (١).


(١) فبعد أن بيّن أن مَن قال بمفهوم الموافقة: حصر مفهوم الموافقة في إشعار الأدنى - في قصد المتكلم - بالأعلى قال: (ثم ينقسم ذلك إلى ما يقع نصًا وإلى ما يقع ظاهرًا). "البرهان" (١/ لوحة ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>