للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسلك القائلين باقتضاء الفساد مطلقًا:

وقد استدل الشافعية ومن معهم على ما ذهبوا إليه: بأن الشارع عندما ينهي المكلف عن عملٍ ما نهيًا مطلقًا، دون أن يقيده بما يدل أنه لذات المنهي عنه، أو لغيره من صفة عرضت له، أو أمر خارج عنه: فإن ذلك النهي يكون منصبًا على ذات الشيء من طريق الحقيقة؛ لأن المطلق ينصرف إلى الكامل، والكمال في النهي عن الشيء إنما يكون لذاته، فلا ينصرف إلى غيره إلا مجازًا، وذلك يحتاج إلى دليل.

فإذا قام دليل على خلاف ما صُرف إليه النهي المطلق، وهو ذات الشيء المنهي عنه، توجه النهي إلى ما قام الدليل عليه كأن يكون لوصف مجاور ينفك عن الفعل النهي عنه (١).

على أن من العلماء - كما سيأتي - من لا يفرق بين الحالين: حالة قيام الدليل على إرادة غير الذات، أو عدم قيامه. ومن هؤلاء أهل الظاهر والحنابلة (٢).

ثم إن سلامة التصرفات الشرعية من عبادات ومعاملات، إنما تُستعد من حكم الشارع بصحتها؛ لاستيفائها ما حدد لها في أوامره ونواهيه، كي تكون صحيحة، والنهي مع الإقرار بسلامتها: مدعاة لتناقض تنزه عنه أحكام الشارع.

[مسلك القائلين بعدم اقتضاء الفساد]

أما عدم اقتضاء الفساد: فقد استُدل له بأن المراد بالفساد: تخلف الأحكام عن تلك التصرفات المشروعة، وخروجُ هذه التصرفات عن كونها


(١) راجع: "مختصر المنتهى" مع "العضد" و"السعد" (٢/ ٩٥ - ٩٧)، "أسباب اختلاف الفقهاء" لأستاذنا الشيخ علي الخفيف (ص ١٢٥ - ١٢٦).
(٢) راجع: "الإحكام" لابن حزم (٥٩ - ٦٦) فما بعدها، "المدخل" لبدران (ص ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>