للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أورد ابن حزم مسائل على لسان بعض المعترضين: كان المناسب أن تأخذ الأحكام الماضية نفسها، مع أنه لم يعطها ذلك، من هذه المسائل: الطلاق، أو الإعتاق في مكان مغصوب، وتعلُّم القرآن في مصحف مغصوب (١).

وبعد أن اتهم المعترض بالجهل، رد ما أورد عليه: بأن الطلاق والعتاق والبيع والعطايا والصدقات، لفظ لا يقتضي إقامةً مأمورًا بها، بل مباح للمكلف أن يطلّق، ويفعل ذلك وهو يمشي، أو وهو يسبح في الماء، فليس مرتبطًا بالإقامة في المكان.

أما الصلاة: فلا بد لها من الإقامة في المكان إلا عند الضرورة. أما تعلم القرآن بالمصحف المغصوب: فقد أجاب عنه، بأن التعلم ليس مرتبطًا بجنس المصحف، وقد يتعلم المرء تلقينًا، ثم أيضًا هو في حال حفظه غير مستعمل لشيء مغصوب، وكذلك في قراءته ما حفظ في صلاته (٢).

[القرافي والحنابلة]

كان فيما قرره القرافي - من المالكية - عن مذهب الحنابلة في الموضوع: أنهم بالغوا في إلغاء الفرق بين كون النهي عن العمل لذاته، أو لغيره، حتى اعتبروا النهي لأمر خارج عنه مستويًا مع أي نهي آخر.


(١) انظر: المصدر السابق (٣/ ٦٠).
(٢) راجع: "الإحكام" لابن حزم (٣/ ٦٠ - ٦١).
هذا وقد اعتبر الشيخ أحمد شاكر كلام ابن حزم من المغالطة سواء عند الاستدلال على بطلان الأعمال الأولى، أو الرد على المعترض وذلك قوله: (في الموضعين مغالطة واضحة من المؤلف … ، فإنا لو قلنا بما ارتضى لكان الرجال إذا صلى وهو يبغض أخاه المؤمن بطلت صلاته لأنه صلى مرتكبًا محرمًا كما في الثوب المغصوب سواء، والمثل على هذا كثيرة) ثم جنح الشيخ شاكر إلى قريب من مذهب الجمهور في هذه القاعدة واعتبر ذلك - في رأيه - أقرب إلى الصواب. راجح التعليق في "الإحكام" (٣/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>