للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهجره وقيل لقائله: لا معنى لذكر السودان وتخصيصهم، مع العلم بأن مَن عداهم في معناهم) (١).

[من آثار الاختلاف في مفهوم الصفة]

لقد كان لاختلاف أنظار العلماء إلى مفهوم الصفة، من حيث اعتباره طريقًا يدل على الحكم، أو عدم اعتباره، أثر يذكر في الفروع والأحكام، ولقد يقع المتتبع لأبواب الفقه على كثير من النماذج التي يطول استقصاؤها، وسنكتفي من ذلك بما يلي:

١ - قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٢٥] ولئن كان قد جرت الإشارة إلى هذه الآية في حديثنا من قبل، إنه لا بد لنا الآن من الوقوف عند واحد من أحكامها، لنرى اختلاف وجهات نظر العلماء، نتيجة لإثبات مفهوم الصفة، أو نفيه فيها.

ففي نص الآية، وصفّ قيدَ المحصنات والفتيات بكونهن مؤمنات، الأمر الذي جعل الآية تدل بمنطوقها على أن زواج المسلم بالفتيات المؤمنات إنما يجوز عند عدم طَوْل المحصنات المؤمنات من الحرائر.

أما الزواج بالفتيات الكتابيات: فقد اختلف القول فيه للاختلاف في مفهوم الصفة.

أ - فذهب المالكية والشافعية والحنابلة والزيدية إلى عدم الجواز (٢) أخذًا


(١) راجع: "البرهان" (لوحة ١٢٨ - ١٢٩).
(٢) راجع: "متن الرسالة" لابن أبي زيد القيرواني (ص ٧٨)، "الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي وتقريرات عليش" (٢/ ٢٦٧)، "المهذب" للشيرازي (٢/ ٤٤)، "المغني" (٧/ ٥٠٨)، "الروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير" (٤/ ٤٤ - ٤٥)، "الهداية" مع "فتح =

<<  <  ج: ص:  >  >>