للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الآمدي: (والحق في ذلك أن يقال: أما التأويل من حيث هو تأويل مع قطع النظر عن الصحة والبطلان: فهو حمل اللفظ على غير مدلوله الظاهر، مع احتماله له.

وأما التأويل المقبول الصحيح فهو: حمل اللفظ على غير مدلوله الظاهر منه مع احتماله، بدليل يعضده) (١).

وبمثل ذلك عرَّفه ابن الحاجب فقال: (هو حمل الظاهر على المحتمل المرجوح بدليل يصيِّره راجحًا) (٢).

[موقفنا من نقد الآمدي]

ولقد يكون في كلام الآمدي ما يدعو إلى الأخذ والرد.

أما في الأمر الأول: فنحن توافقه على ما ذهب إليه؛ إذ جعلُ الغزالي التأويلَ هو الاحتمالَ الذي حُمل عليه اللفظ: غيرُ مستقيم؛ لأن التأويل حُمِلَ اللفظ عليه نفسه، والاحتمال شرط له، إذ لا يصح حمل اللفظ على ما لا يحتمله. والفرق واضح بينهما.

ولكنه يُخالَف في الأمر الثاني؛ إذ إن الدليل الذي يصير إليه المعنى المرجوح: أغلبَ على الظن من المعنى الذي دلّ عليه الظاهر، لا ينافي أن يكون التأويل سليمًا، فيما إذا كان الدليل قاطعًا، بل هو داخل في التعريف من طريق الأولى، ولكنها ملاحقة الآمدي للغزالي في كل تعريف وفي كل كلمة .. رحمهما الله.

أما عن الأمر الثالث: فأعتقد أن من الطبيعي أن يكون الغزالي قد قصد تعريف التأويل الصحيح، وسياق كلامه يدل على ذلك.

ولقد كان من الممكن للآمدي أن يعتبر كلام الغزالي مرادًا به التأويل


(١) راجع "الإحكام في أصول الأحكام" للآمدي (٣/ ٧٣ - ٧٤).
(٢) راجع: "مختصر المنتهى" لابن الحاجب مع "شرح العضد" (٢/ ٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>