للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقلًا، لأن النادي - وهو المكان - لا يدعى لذلك كان لا بد من مقدّر يستقيم به الكلام، وذلك المقدَّر هو (أهل) ويكون تقدير الآية (فليدع أهل ناديه) وبذلك يصح الكلام ويستقيم (١).

٣ - ما وجب تقديره ضرورة صحة الكلام شرعًا.

ومثاله: الأمر بالتحرير في قوله تعالى: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ الذي هو في معنى الأمر، أي فحرروا رقبة.

فهذا الأمر مقتضٍ للملك؛ لأن تحرير الحر لا يتصور، وكذا تحرير ملك الغير عن نفسه. فملك الرقبة ثابت بالنص اقتضاءً. فصار التقدير: (فتحرير رقبة مملوكة) (٢).

ومن ذلك قول الإنسان لمن يملك عبدًا: "أعتق عبدك عني بألف … " مثلًا، فإن هذا يدل اقتضاءً على شراء عبده منه؛ لأنه لا ينوب عنه عتقه إلا بعد أن يتملكه منه بشرائه، فالشراء ثابت بنص هذه الصيغة اقتضاءً.

[هذه الأنواع ودلالة الاقتضاء]

وهذه الأنواع الثلاثة المذكورة تدخل في دلالة الاقتضاء عند عامة الأصوليين من متقدمي الحنفية وأصحاب الشافعي ومَن تابعهم، ويسمى المقدَّر فيها - كما قدّمنا - مقتضى بوزن اسم المفعول؛ لأن صدق الكلام، أو صحته عقلًا أو شرعًا: اقتضاه.

فهم جعلوا المحذوف من باب المقتضى، ولم يفصلوا بينهما.

وقد قالوا في تحديد المقتضى - كما يذكر عبد العزيز البخاري -: هو جعل غير المنطوق منطوقًا لتصحيح المنطوق، وبهذا يشمل الجميع.


(١) انظر: "مذكرات أصول الفقه" للدراسات العليا في حقوق القاهرة للأستاذ الشيخ زكريا البرديسي (ص ١٦١).
(٢) راجع: "كشف الأسرار مع البزدوي" (١/ ٧٦)، "التوضيح" مع "التلويح" (١/ ١٤٠)، "التيسير" مع "التقرير والتحير" (١/ ١١٠) وانظر: "علم أصول الفقه" لخلاف (١٧٤ - ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>