وما قاله السرخسي مرجَّح في نظرنا على ما قاله صاحب "التلويح".
والذي دعانا إلى ترجيح ما ذهب إليه شمس الأئمة، هو ما يُرى فيه من الاستيفاء وزيادة الإيضاح.
أ - ففي ذكر اعتقاد الحقِّيَّة فضلُ بيانٍ في الدلالة.
ب - أما التوقف عن العمل حتى يرد البيان من المجمل نفسه: فرغم أنه من المسلّمات ومن مستلزمات تعريف المجمَل، إلا أن في ذكره أيضًا زيادة وضوح في معرفة أبعاد حكم هذا القِسم من أقسام المبهم من الألفاظ، الذي بلغ من الخفاء حدًا، جعله يقابل المفسّر في أقسام واضح الدلالة منها.
ومعلوم مما سبق، أن التوقف عن العمل قبل البيان، إنما يكون في عهد الرسالة. أما بعد انقضاء تلك الفترة المباركة: فاعتقادنا - وهو ما يؤيده الواقع - أن البيان قد حصل فلا مجال للتوقف.
لذا، فإن المكلَّف بعد معرفته بالأحكام؛ يعمل على بيِّنة وهدًى لأن مجمل الكتاب قد وقع له البيان.
غير أن العلماء وجدوا أن البيان - كما أسلفنا من قبل - قد يكون شافيًا؛ كما في الصلاة والزكاة والحج ونحوها التي ورد عن الشارع فيها ذلك النوع الوافي من البيان.
وقد لا يكون شافيًا، فينتقل اللفظ من حيز الإجمال إلى حيز الإشكال، وعندها يكون للمجتهد حق إزالة الغموض والخفاء بالبحث والتأمُّل، وذلك من غير حاجة إلى استفسار الشارع، وبيان جديد منه؛ فحسبه أنه فتح باب البيان. وعلى المجتهد إتمام الطريق حيث يهديه اجتهاده إلى القرائن التي تحدد المعنى المراد.
الربا والمجمَل:
هذا: وقد جنح المتقدمون من أصوليّي الحنفية، كالجصاص، والبزدوي، والسرخسي، إلى اعتبار الربا من المجمَل. وتابعهم في ذلك من بعدهم …
وتعليل ذلك عند هؤلاء: أن (الربا) عبارة عن الزيادة والنماء في أصل الوضع اللغوي.