للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقت نفسه آثمًا ويوجبون عليه إزالة ما تسبب منه الإثم، وذلك إما باستبدال الخمر بغيره، ليكون ثمنًا في الصفقة، أو بفسخ العقد (١).

[حقيقة الاختلاف في نظر الزركشي]

هذا: وقد جاء الزركشي الشافعي في كتابه "البحر المحيط" على الاختلاف بين الحنفية وغيرهم في مسألة "أثر النهي في المنهي عنه لوصف متصل به" وصوَّر حقيقة الخلاف وإلى أين مرده فقال: (واعلم أن حقيقة الخلاف بيننا وبين الحنفية: يرجع إلى مسألة أخرى وهي: أن الشارع إذا أمر بشيء مطلقًا، ثم نهي عنه في بعض أحواله، هل يقتضي ذلك النهي إلحاق شرط بالمأمور به حتى يقال: إنه لا يصح بدون ذلك الشرط، ويصير الفعل الواقع بدونه كالعدم، كما في الفعل الذي اختل منه شرطه الثابت بشرطيته بدليل آخر، أم لا يكون كذلك)؟ ثم أتى الزركشي على ذكر المذهبين بناءً على حقيقة الاختلاف - كما يراه - وأورد مثالين للتطبيق هما: النهي عن صوم يوم النحر الذي عرضنا له من قبل فقال:

(مثاله الأمر بالصوم والنهي عن إيقاعه يوم النحر، والأمر بالطواف والنهي عن إيقاعه في حال الحيض وغيره.

فالشافعي والجمهور قالوا: النهي على هذا الوجه يقتضي الفساد، وإلحاق شرط بالمأمور به لا تثبت صحته بدونه.

وذهبت الحنفية إلى تخصيص الفساد بالوصف عنه دون الأصل المتصف به حتى لو أتى به المكلف على الوجه المنهي عنه يكون صحيحًا بحسب الأصل، فاسدًا بحسب الوصف إن كان ذلك النهي نهي فساد، وإلا فمجرد النهي عنه لا يدل على الفساد بل على الصحة) (٢).


(١) راجع: "أصول السرخسي" (١/ ٨٨) فما بعدها، "التوضيح" لصدر الشريعة مع "التلويح" لسعد الدين التفتازاني (١/ ٢١٨) فما بعدها.
(٢) راجع: "البحر المحيط" للزركشي (٢/ ١٦٥) فما بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>