للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقتضيات الحياة العملية، بينما يغلب على الفقيه مراعاة المنطق البحث، لاستخلاص القواعد العامة (١).

وهذا الاختلاف بين الوجهتين في التفسير، يجعل التعاون بين القضاء والفقه، وكأنه غير ميسور.

غير أن الفقه أخذ منذ أكثر من نصف قرن، يتجه في تفسيره للتشريع وجهة تتسم بالطابع العملي؛ فلم يعد يكتفي بالأبحاث النظرية، وإنما توجه إلى دراسة أحكام القضاء، ومراجعة تطبيقه لنصوص التشريع، على الحالات الواقعية، ليكون على علم بتلك الاعتبارات العملية التي تتأثر بها المحاكم (٢).

واتجاه الفقه في التفسير هذه الوجهة العملية: جعل من الفقه الفرنسي متعاونًا مع القضاء بعد انفصال دام طوال القرن التاسع عشر. ولقد كان هذا التعاون ولا يزال - كما يقرر بعض الفقهاء - من خير الوسائل لترقية القانون الفرنسي (٣).

وإذ قد عرضنا لمعنى التفسير وأنواعه، فلنبحث في اتجاهاته ومدارسه.

* * *

[مذاهب التفسير العامة]

ما من شك، في أن النصوص التي يراد تفسيرها: تكون معبِّرة عن إرادة واضعيها، والمفروض في الوقت نفسه: أنها وضعت في المجتمع لتحكم تصرفات أفراده.

وبمقدار ما يعطى من القيمة لقصد المشرع وإرادته من جهة، وما يعطى


(١) انظر: "المدخل" للدكتور عبد المنعم البدراوي (ص ١٠٩)، الدكتور مرقس (ص ٢٣٩ - ٢٤٠).
(٢) راجع: الدكتور سليمان مرقس في "المدخل" (ص ٢٣٩ - ٢٤٠).
(٣) انظر: "أصول القانون" للسنهوري وأبو ستيت (ص ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>