للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يكفي النهي في اقتضاء الفساد، بل لا بد من الدليل، إذ لفظ النهي لا يفيده كما ذكرنا من أن المنهي عنه قد يصح (١).

ثم إن النهي عن العبادة بعد أمر المكلف بها، يجعل الأمر والنهي واردين على محل واحد، فيقع التناقض، وقد ذكر الغزالي (أن النهي يضاد كون المنهي عنه قربة وطاعة؛ لأن الطاعة عبارة عما يوافق الأمر، والأمر والنهي متضادان) (٢).

وهكذا يكون النهي عن أفعال العبادة، مستوجبًا بطلانها وعدم مشروعيتها.

ثانيًا: حالة ورود النهي مع قرينة:

أما إذا ورد النهي مقترنًا بما يدل على أنه لذات المنهي عنه، أو لغيره: فذلك لا يعدو حالات ثلاث: عرض العلماء في كل واحدة منها لأثر ذلك النهي في المنهي عنه، واختلفت آراؤهم في بعض ذلك (٣).

وقد ترتب على اتفاقهم واختلافهم آثار واضحة في الأحكام التي بنيت على ما ذهب إليه كل فريق.


(١) راجع: "منهاج الوصول إلى شرح معيار العقول" (ص ٢٣) مخطوطة دار الكتب المصرية.
(٢) انظر: "المستصفى" (٢/ ٣٠).
(٣) لخص صاحب "التلويح" هذه الحالات وضم إليها حالة إطلاق النهي بلا قرينة فقال: (الفعل الشرعي المنهي عنه إن دل دليل على أن تبعه لعينه فباطل، وإن دل دليل على أنه لغيره فذلك: إن كان مجاورًا فصحيح مكروه وإن كان وصفًا ففاسد عند أبي حنيفة - رحمه الله تعالى - وباطل عند الشافعي - رحمه الله تعالى -، وإن لم يدل الدليل على أن قبحه لعينه يفسد بوصفه لعدم قيام الدليل على أن القبح لوصفه)، "التلويح" للتفتازاني (١/ ٢١٦).
وانظر: "منهاج الوصول" في أصول الزيدية (عمر ٢٣)، "طلعة الشمس" (١/ ٦٩ - ٧٢)، "الفصول اللؤلؤية" في أصول الزيدية (ص ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>