للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب - وذهب عامة مشايخ العراق من الحنفية، وفيهم أبو الحسن الكرخي وأبو بكر الجصاص، إلى أن دلالة العام على كل فرد بخصوصه: قطعية لا ظنية، بمنزلة دلالة الخاص على معناه، إذ إن دلالة الخاص قطعية كما يأتي. وتابعهم في ذلك القاضي أبو زيد المدبوسي وعامة المتأخرين، والشاطبي من المالكية (١).

[ما استدل به الجمهور]

ولقد استدل الجمهور على ما ذهبوا إليه من ظنية الدلالة في العام، بأن كل عام يحتمل التخصيص تقريبًا، بمعنى أن العام لا يخلو من قصره على بعض ما يتناوله من الأفراد إلا بقرينة تصرف هذا الاحتمال كما في قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٨٢)[البقرة، و … ] وقوله: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ [هود: ٦].

ولقد شاع ذلك، حتى صار قولهم: (ما من عام إلا وقد خص منه البعض) بمنزلة المثل. وكان هذا نتيجة لما ثبت من الاستقراء لنصوص الشريعة العربية التي دخل التخصيصُ الكثيرَ من ألفاظ العموم فيها.

ومن الطبيعي أن يورث ذلك شبهة في دلالة العام على كل فرد


= الإمام أبا الحسين الطبري قرر في كتابه "التلويح" - كما نقل الزركشي - أن الشافعي على غير ذلك، ومثله ما نقل الأبياري في "شرح البرهان".
ومهما يكن من أمر: فإن تخصيص الشافعي لنصوص الكتاب بخبر الواحد الذي كثيرًا ما دافع عنه، مع تسميته الظواهر نصوصًا: يدل على قوله بالظنية، قال الكيا الطبري: (وهذا - يعني القطع - لم يصح عنه، وإن صح عنه فالحق غيره، فإن المسميات النادرة يجوز أن لا تراد بلفظ العام، ويجب منه أن التخصيص إذا ورد في موضع آخر كان نسخًا، وذلك خلاف رأي الشافعي). "البحر المحيط" للزركشي، ج ١، مخطوطة دار الكتب المصرية.
(١) راجع: "أصول الفقه" للجصاص (ق ١١) فما بعدها "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٣٠٤ - ٣٠٦)، "الموافقات" (٣/ ١٦٤ - ١٦٥) بتعليق الخضر حسين.

<<  <  ج: ص:  >  >>