للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا بدَّ أن يكون معلَّلًا بمعنىً قام عليه التخصيص، وهذا المعنى الذي هو العلة، قد يتحقق في بعض الأفراد الباقية بعد ذلك التخصيص.

وإذا كان الأمر كذلك: فكل فرد من الباقي بعد التخصيص، محتملًا لأن يكون خارجًا عن دلالة العام.

ومع قيام هذا الاحتمال: لا يكون العام في دلالته على الأفراد الباقية قطعيَّ الدلالة، بل ظنيها، فيجوز تخصيصه بخبر الواحد والقياس (١).

٢ - هذا فيما يتعلق بالنوع الأول. أما النوع الثاني - وهو العام الذي لم يدخله التخصيص: فالعلماء على خلاف في دلالته من حيث القطعية والظنية:

أ - فذهب الجمهور من الفقهاء والمتكلمين، - ومعهم أبو منصور الماتريدي من الحنفية ومن تابعه من مشايخ سمرقند - إلى أن دلالة العام على كل فرد بخصوصه: دلالة ظنية (٢) لا قطعية، بخلاف دلالة الخاص على معناه التي هي قطعية، لا يعدل عنها إلا بقرينة.


(١) مثال ذلك قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٣، الأنفال: ٣٩] عام خُصَّ منه الذمي والمستأمن بإجماع، فأصبح ظنيًا، وجاز أن يخصص بخبر الواحد وهو قوله لخالد بن الوليد وأرضاه: "لا تقتلن امرأة ولا عسيفًا". وصح - بناء على القاعدة المذكورة - أن يخصص بالقياس، فإذا قلنا: المشلول كالمرأة بجامع أن كلًا ليس من أهل الحِرابة، فكما لا تقتل المرأة لا يقتل المشلول؛ كان هذا القياس مخصَّصًا لعموم قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ وهكذا تخرج المرأة من عموم النص بخبر الواحد، كما يخرج المشلول بالقياس. وإنما كان ذلك ممكنًا، لأن العام سبق تخصيصه فأصبح ظنيًا يقوى الدليل الظني على تخصيصه عند الحنفية.
راجع: "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٣٠٦) فما بعدها، "أصول الفقه" للأستاذ الشيخ زكريا البرديسي (ص ٤٠٣).
(٢) راجع: "البزدوي" مع "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٣٠٤)، وانظر: "طلعة الشمس" للسالمي الإباضي (١/ ٣٠) على أن النقل قد اختلف عن الشافعي في ذلك، ففي كلام إمام الحرمين وابن القشيري ما يشعر بالقطعية، ولكن =

<<  <  ج: ص:  >  >>