للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتكرار الحكم بتجدد السبب (أن أداء العبادات كالصوم والصلاة مثلًا واجب على سبيل التكرار فلا يخلو: إما أن يكون مضافًا إلى الأسباب أو إلى الأوامر. وإضافة هذا الوجوب إلى الأسباب باطل؛ لأن وجوب الأداء لا يضاف إلى السبب؛ فتعين الثاني وهو الإضافة إلى الأوامر. وأجيب عن هذا الإيراد، بأن المراد هاهنا العلل، لا الأسباب المحضة كما ظن. وكثيرًا ما يطلق السبب على العلة، ولا شك أن تكرار العلة يستلزم تكرار المعلول) (١).

غير أن صاحب "المرآة" لم يعجبه هذا الجواب، ورأى أن القول بأن المراد بالأسباب العلل لا يدفع الإشكال، وأن الأفضل بقاء إضافة التكرار إلى الأمر؛ بأن يعتبر متوجهًا في أول الوقت في الصوم، وفي آخره في الصلاة بحيث يتكرر الوقت يتكرر توجه الأمر، ويتكرر توجهه يتكرر وجوب الأداء.

قال : (لأن حاصله - أي السبب المتجدد في الصوم والصلاة - هو الوقت. ووجوب الأداء المكرر لا يضاف إلى الوقت حتى يكون تكرره بتكرره، وإنما يضاف إلى الأمر وهو ليس بمتكرر، فتعين اقتضاؤه التكرار. ولا يدفعه العدول عن تسمية الوقت سببًا إلى تسميته علة. فالصواب في الجواب: أن يختار إضافة تكرار وجوب الأداء إلى الأمر، لا بمعنى أن الأمر الواحد يدل على التكرار ويحتمله، بل بمعنى أن الأمر يعتبر متوجهًا في أول الوقت في الصوم وآخره في الصلاة، فيتكرر الوقت بتكرر توجه الأمر، ويتكرر توجهه يتكرر وجوب الأداء) (٢).

ونحن لا نوافق صاحب "المرآة" في تحوله عن رد التكرار إلى تجدد الأسباب، حين يراد بها العلل، غير أنا نضيف ما يراه الإمام الغزالي أن العلة - حتى الشرعية - ليست لوحدها عامل التكرار، وإنما معها قرينة التعبد؛ إذ نحن متعبدون شرعًا بالعلل. فتكرر العلة يستلزم تكرار المعلول، والعلة معتبرة شرعًا (٣).


(١) انظر: "المرآة" (١/ ١٨٩ - ١٩٠).
(٢) "المرآة" (١/ ١٩٠).
(٣) راجع: "المستصفى " (٢/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>