للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي هو في المقيد؟ فعندما يطلب الشارع مثلًا عتق رقبة، يفيد في تحقيق المطلوب أيُّ رقبة، ولكن عندما نحمل هذا المطلق على المقيد الذي وصفت فيه الرقبة بالإيمان في نص آخر، لا تجزيء إلا الرقبة التي توافر فيها ذلك الوصف.

ولقد اتفق العلماء على جواز حمل المطلق على المقيد، ولكن اختلفت أنظارهم في الحالات التي يصح فيها هذا الحمل.

وعن هذا الاختلاف نشأ اختلاف في عدد من الأحكام الشرعية، لأن تفاوت الأنظار في الأصول، ينبني عليه اختلاف فيما يتولد عنها من فروع وأحكام. وبيان حالات الاتفاق والاختلاف في حمل المطلق على المقيد فيما يلي:

إذا ورد اللفظ الخاص مطلقًا في نص، وورد بعينه مقيدًا في نص آخر: فهو على وجهين:

أولهما: أن يكون الإطلاق والتقييد في سبب الحكم، والحكم والموضوع متحدان.

الثاني: أن يكون الإطلاق والتقييد في الحكم نفسه.

١ - فإذا ورد في موضوع واحد نصان قد أفادا حكمًا واحدًا، ولكن جاء الإطلاق والتقييد في سبب هذا الحكم؛ فبين العلماء خلاف: أما الحنفية: فلا يحملون المطلق على المقيد بأن يجعلوا المفيد بيانًا للمطلق، بل يعتبرون كلًا منهما سببًا للحكم، ويعمل بكل في دائرته وحسب مدلوله (١).

وحجتهم في ذلك: أن الأصل التزام ما جاء عن الشارع في دلالات ألفاظه على الأحكام، فالمطلق على إطلاقه، والمقيد على تقييده؛ لأن كل


(١) انظر: "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>