للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نص حجة قائمة بذاتها، وتقييده من غير دليل من ذات اللفظ أو من الكلام في موضوعه: تضييق من غير أمر الشارع.

فلا يلزم حمل المطلق على المقيد إلا إذا كان الأخذ بكل من المطلق والمقيد على حدة: مدعاة للتناقض، بأن يكون هناك تناف بين الإطلاق والتقييد. وحين يكون الإطلاق والتقييد في سبب الحكم: لا يقع أي تناف بينهما، فليس ما يمنع أن تتعدد الأسباب لحكم واحد، وهذا الحكم يثبت بأي واحد من هذه الأسباب، كما في انتقال الملك من شخص إلى آخر، فإنه حكم واحد، وله أسباب كثيرة؛ كالبيع والهبة والوصية، فيصبح أن يثبت بأي واحد منها (١).

٢ - وذهب الشافعية وغيرهم إلى حمل المطلق على المقيد، فيكون المقيد بيانًا للمطلق (٢).

وحجتهم في ذلك، أن التنافي واقع في هذه الحال بين الإطلاق والتقييد، لأنهما واردان في أمر واحد والأمر الواحد لا يجوز أن يكون مطلقًا ومقيدًا في آن واحد، ولهذا لا بد من جعل المقيد أصلًا يبين به المطلق، لأن المطلق ساكت عن القيد، والمقيد ناطق به، فهو أولى أن يكون أصلًا للبيان. وفي عدم حمل المطلق على المقيد وجعلِ المقيد مبينًا له: لا يكون لذكر القيد فائدة، ونصوص الشارع منزهة عن العبث.

مثال ذلك: ما ورد في السنة بشأن صدقة الفطر، حيث جاء سبب الحكم مقيدًا بنص، ومطلقًا بنص آخر:


(١) راجع: "التوضيح" مع "التلويح" (١/ ٦٤)، "أصول الفقه" للخضري (ص ٢٣٢).
(٢) راجع: "التوضيح" مع "التلويح" (١/ ٦٤)، "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ٢٩٦)، "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص ١٥٤)، مطبعة السعادة، "أصول الفقه" للأستاذ الشيخ زكريا البرديسي (ص ٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>