للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبيان ذلك فيما رواه أحمد وأصحاب الكتب الستة عن أبي هريرة أن رجلًا جاء إلى النبي فقال: هلكت يا رسول الله، فقال: "وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: "هل تجد ما تعتق رقبة؟ " قال: لا، قال: "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ " قال: لا، قال: "فهل تجد ما تطعم ستين مسكينًا؟ " قال: لا، قال: ثم جلس فأتيَ النبي بعَرَق تمر، قال: "تصدّق بهذا" قال: فهل على أفقر منا، فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا؟ فضحك النبي حتى بدت نواجذه وقال: "اذهب فأطعمه أهلك" (١).

فالحديث يدل بعبارة النص على وجوب الكفارة على مَن واقع عمدًا في نهار رمضان.

وذلك واضح كل الوضوح فيما كان من النبي مع هذا الرجل الذي قال له: هلكت، ومراده أنه واقع امرأته في نهار رمضان.

وسبب هذا الحكم - كما يدرك بمجرد المعرفة باللغة - هي الجناية على الصوم وتفويت ركنه وهو الإمساك عن المفطرات التي منها الوقاع. وإن


(١) "مسند أحمد" (٦٩٤٤) و (٧٢٩٠) والبخاري (٢٦٠٠) و (١٧١٠) ومسلم (١١١١) وأبو داود (٢٣٩٠) و (٢٣٩١) والترمذي (٧٢٤) وابن ماجه (١٦٧١) والنسائي في "الكبرى" (٣١٠٢) كما أخرجه الدارقطني (٢٣٠٣) وغيرهم بألفاظ متقاربة. وقد ذكر السرخسي الحديث بزيادة "وأهلكت" وهي رواية للدارقطني (٢٣٩٨). ولكن هذه الزيادة فيها مقال محصّله أنها وردت من طريق الأوزاعي، ومن طريق ابن عيينة. وقد ذكر ابن حجر في "الفتح" نقلًا عن البيهقي أن جميع أصحاب الأوزاعي روى الحديث بدونها، كذلك ذكر الخطابي في "المعالم" أنها توجد في رواية أصحاب ابن عيينة عنه وإنما ذكروا قول الرجل: "هلكت" حسب. قال أبو سليمان: غير أن بعض أصحابنا حدثني أن المعلَّى بن منصور روى هذا الحديث عن سفيان، فذكر هذا الحرف فيه، وهو غير محفوظ، والمعلى ليس بذاك في الحفظ والإتقان، غير أن ابن الجوزي تعقب الخطابي بأنه لا يعرف أحدًا طعن في المعلى.
راجع: "معالم السنن" (٢/ ١١٨)، "إحكام الأحكام" لابن دقيق العيد (٢/ ١٦)، "أصول السرخسي" (١/ ٢٣٩)، "فتح الباري" (٥/ ١٢٢) طبعة الخشاب، "السنن الكبرى" للبيهقي (٤/ ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>