للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٧٥)[البقرة: ٢٧٥]، أما ما بقي من الربا: فواجبٌ تركه، ووضعه، والرضا برأس المال دون أي فَصْل. ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (٢٧٩)[البقرة: ٢٧٨، ٢٧٩].

وقد روي عن السدي: أن قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا .... ﴾ الآية، نزل في العباس بن عبد المطلب ورجل من بني المغيرة؛ كانا شريكين في الجاهلية يسلفان في الربا إلى أناس من ثقيف من بني عمرو - وهم بنو عمرو بن عمير -، فجاء الإسلام ولهم أموال عظيمة في الربا، فأنزل الله: ﴿وَذَرُوا مَا بَقِيَ﴾ من فَضلٍ كان في الجاهلية من الربا (١).

وإذا كان الأمر على ما ذكرنا؛ من أن الربا كان معهودًا ومعروفًا من قبل، فهو لا يكون داخلًا في عداد المجمَل أو المشكل، كما هو مصطلح عليهما. وكان هذا النوع من الربا، هو المراد في قول النبي في خطبة الوداع: "ألا وإن رِبا الجاهلية موضوع وأول رِبًا أضع: رِبانا رِبا عمي العباس بن عبد المطلب" (٢) ويسمى هذا النوع - كما أسلفنا - (ربا النسيئة) أما الربا الذي ورد ذكره في حديث الأصناف السنة: فهو ما يسميه العلماء (ربا البيوع) أو (ربا الفضل) وتفصيل كل من النوعين معروف في مظانه من كتب الفروع.

وبهذا يكون ما جاءت به السنّة في هذا الباب: نوعًا آخر، ذكرته وبيّنت حكمه (٣).


(١) راجع: "تفسير الطبري" (٦/ ٢٢ - ٢٣)، وانظر هناك روايات أخرى في سبب نزول الآية.
(٢) أخرجه مسلم من خطبة النبي في حجته من رواية جابر . انظر: "صحيح مسلم " بشرح النووي (٨/ ١٨٢).
(٣) على أن الحديث وإن كان منصبًا في الأصل على ربا الفضل فإنه يمكن أن يفهم ربا النسيئة من قوله : "فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم يدًا بيد".

<<  <  ج: ص:  >  >>