للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد يؤيد ما ذهبنا إليه ما قرره يحيى الرهاوي في "حاشيته" على شرح ابن ملك "لمنار النسفي"، من أن الأمر في التفريق وإعطاء كل من القسمين تسمية معينة: إما أن يكون اصطلاحيًا، أو لا.

أ - فإذا كان يقوم على الاصطلاح: فلا مشاحة في الاصطلاح.

ب - وإن كان يقوم على حدود وفوارق صحيحة بين المقتضى والمحذوف: فلا بد من إقامة الدليل المقبول.

قرّر ذلك مع عدم رضاه عن اعتبارهما شيئًا واحدًا كما ذهب إليه القاضي أبو زيد والجمهور (١).

وهكذا يبدو أن ما جنح إليه صاحب "الفواتح" لا يقوى على رد اعتراض التفتازاني الذي أشار إليه البخاري من قبل، ففي المسألة مسلكان واضحان:

مسلك الجمهور من المتقدمين ومعهم أبو زيد الدبوسي.

ومسلك المتأخرين وعلى رأسهم البزدوي والسرخسي.

والمسلك الأول قائم على عدم التفريق.

أما المسلك الثاني: فيقوم على التفريق. وعماده أن المقتضى ينحصر فيما يلزم ثبوته لصحة الكلام شرعًا لا لغة وعقلًا.


(١) قال في (١/ ٥٣٨) من "حاشيته على شرح ابن ملك": (والحاصل أن الفرق بين المقتضى والمحذوف - كما اختاره شمس الأئمة وفخر الإسلام ومن تابعهما -: مشكل، وكذا جعلهما من قبيل واحد - كما اختاره القاضي أبو زيد ومَن تابعه - لأن علماءنا اتفقوا على أن المقتضى لا عموم له، والمحذوف له عموم بالإجماع، فلا يمكن جعلهما من قبيل واحد. والتحقيق أن المقتضى إن كان أمرًا اصطلاحيًا: فلا مشاحة في الاصطلاح، فإن لكل طائفة أن يصطلحوا بما شاءوا. وإن كان غير اصطلاحي: فلا بد لمَن يرجّح مذهبه أن يقيم الدليل على ما ذكره) وانظر: "حاشية الرهاوي" (١/ ٥٣٧ - ٥٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>