للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يجوز، والاقتضاء يدل على الجواز، فترجح الدلالة على الاقتضاء.

وإنما قلنا: إنه دلالة، لأن ثبوت الحكم في حق غير زيد كان بمقتضى النص لا بالنظم، كثبوت الرجم في حق غير ماعز).

قال عبد العزيز البخاري: (ولكن لقائل أن يقول: لا نسلم المعارضة لأن من شرطها تساوي الحجتين، ولا تساوي؛ لأن المقتضي الذي قام المقتضى به: كلامُ الآمر، والدلالة ثابتة بالسنّة فأنى يتعارضان. ولأن عدم الجواز فيما ذكر من الصورة، إن ثبت، ليس لترجح الدلالة على المقتضى، فإنهما لو صرّحا بالبيع بأن قال المشتري: بعت هذا العبد منك بألف، وقال البائع: قبلت، لا يجوز أيضًا، بل لأن موجَب ذلك النص عدم الجواز من غير معارضة نص آخر إياه، فلا يكون هذا نظير معارضة الدلالة المقتضى) (١).

هذا: ومن الممكن إذا سرنا مع القائلين بعموم المقتضى أن نذكر مثالًا لتقديم العبارة على الاقتضاء: عقوبة القتل خطأ. فقد قال : "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه".

فإنه بالنسبة للخطأ يقدم عليه قوله تعالى: ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾ [النساء: ٩٢] إذ إن دلالة الاقتضاء في الحديث توجب رفع الإثم. ولو كان هذا سائغًا على عمومه لكان مؤداه ألا يعاقب المخطئ ولكنه قدّم نص العقاب (٢).


= امرأته: "أنها دخلت على عائشة في نسوة، فسألتها امرأة فقالت: كانت لي جارية فبعتها من زيد بن أرقم بثمانمائة إلى العطاء، ثم ابتعتها منه بستمائة، فنقدته الستمائة، وكتبت عليه ثمانمائة، فقالت عائشة: بئس ما اشتريت وبئس ما اشترى زيد بن أرقم، إنه قد أبطل جهاده مع رسول الله إلا أن يتوب، فقالت المرأة: أرأيت إن أخذت رأس مالي ورددت عليه الفضل؟ فقالت: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾ [البقرة: ٢٧٥] انظر: "سنن الدارقطني": ٣/ ٤٧٧ (٣٠٠٢) و (٣٠٠٣) "السنن الكبرى" للبيهقي (٥/ ٢٣١)، "تخريج الفروع على الأصول" للزنجاني تحقيق المؤلف (ص ٨٤)، "الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة" للزركشي، تحقيق سعيد الأفغاني (ص ١٤٨).
(١) راجع: "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (٢/ ٥٥٦ - ٥٥٧).
(٢) راجع: "أصول الفقه" لأستاذنا أبي زهرة (ص ١٤٠). وانظر: "دلالة الكتاب والسنة على الأحكام الشرعية" زكي الدين شعبان (ص ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>