للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حالات نادرة من التعارض، ليكون ذلك طريقًا إلى ترجيح حكم على حكم.

وفي ذلك يقول الدكتور عبد الرزاق السنهوري في معرض الحديث عن المادة ٢٩٣ عقوبات قديم في مصر والتي أصبحت ٣٣٦ من قانون العقوبات الجديد بعد أن يبين الرأيين في الموضوع ويوجه الرأي القائل بعدم العودة إلى النص الأجنبي: (على أنه يلاحظ أن مثل هذا الجدل إذا كان مما يسوغ التعرض له في ظل التقنينات القديمة التي وضعت أولًا باللغة الفرنسية، واعتبرت الترجمة العربية صيغة رسمية، فإنه لا يمكن أن تثور بالنسبة للتقنينات الجديدة، إذ لا شبهة في أن اللغة العربية هي الأصل، وعليها وحدها يكون المدار) (١).

ولقد يبدو الأمر أكثر وضوحًا يوم نستأنف السير فتغدو الشريعة - كما أسلفنا - مصدرنا الأساسي في التقنين، ويكونَ حكمنا حكمًا بما أنزل الله.

ولا شكَّ أن الاستقلال التشريعي لأمة نهضت من عثار، وتحررت من سلطان الغاصبين، يجب أن يساوق الاستقلال السياسي، وإن أمتنا الغنية الثرية في هذا الميدان تفتقر إلى أمرين:

الأول: الإيمان بذاتها وطاقاتها وأرضها الطيبة في شريعتها ولغتها.

الثاني: أن تتولى هذه الثروةَ بعناية، وتعرضَها العرض الصحيح. وهذا لا يتنافى أبدًا مع الإفادة من تنظيم الآخرين، وما عندهم من نظريات كانت ثمرةَ الواقع الحضاري اليوم.

وتبقى ثروتنا الفقهية، ومناهجها في التفسير: محط أنظار العالم، ونحن أجدر أن نستمسك بثروة نبتت في أرضنا، وجاءت دينًا بلغتنا، خصوصًا والعربية عندنا - كما سلف - أصبحت لغة القانون.

وإني لأرجو أن يكون عملي في تفسير النصوص محاولة للإسهام في هذا الباب، والله المستعان.


(١) "أصول القانون" للسنهوري وأبو ستيت (ص ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>