وروى عن عثمان بن عطاء عن أبيه قال: لا ينبغي لأحد أن يفتي الناس حتى يكون عالمًا باختلاف الناس؛ فإنه إن لم يكن كذلك، ردّ من العلم ما هو أوثقُ من الذي في يديه.
رابعًا: فيما وراء بيان النبي ﷺ الذي هو من نصوص الأحكام، سواء في تقرير حكم قرآني أو بيان لمجمل الكتاب، أو إنشاء حكم جديد: لا بد من الإشارة إلى أن قواعد التفسير التي نحن بصدد الحديث عنها، ليست في موضع القداسة بحيث تحمل طابع الإلزام الديني.
ذلك أن هذه القواعد - كما أسلفنا - قامت على استقراء أساليب العربية، وإدراك المدلول الصحيح للخطاب في لسان العرب، وكذلك إدراك القواعد العامة للتشريع، فمن الممكن أن تكون طريقنا لفهم القانون وتفسيره، وعلى الأخص في بلادنا العربية التي أصبحت العربية فيها لغة القانون.
وإذا كان عندنا - في البلاد العربية - دولة كالعراق ما تزال تستمد قانون الأحوال الشخصية من فقه الحنفية، فالبلاد العربية الأخرى - شأنَ بلدنا - تعتبر الشريعة الإسلامية بمذاهبها المتعددة الغامرة بالخير، مصدرًا لما يسمى بقانون الأحوال الشخصية، والقانون المدني ينتسب في كثير من أبوابه إلى أصولها.
ويمكن القول بلا تحفظ:
إنه حتى القوانين التي كانت تنتمي إلى أصل أجنبي أصبحت الآن عربية، ويجب أن تفسر بناء على قواعد التفسير التي نمت وترعرعت في ظل بيان اللغة العربية.
خصوصًا أن هذه القوانين تمثل واقع هذه الحقبة من حياة الأمة، وأنّ لغتها في خطاب المواطنين الذين يجب أن يفهموا القانون الذي يحكم تصرفاتهم: هي العربية. وإن كان هذا الواقع لا يعفي من تقرير أن واجب أمتنا الذي لا مندوحة عنه هو العودة الصحيحة إلى الشريعة لتكون هي الأصل في كل تقنين تريد.
وتقرر الكثرة من علماء القانون اليوم: أنه حتى عند إبهام النص، لا ضرورة للعودة إلى النص الأجنبي، وإن كان البعض قد أجاز العودة في