بين ما ذهب إليه العلماء في كل من الطريقتين المذكورتين، أو في داخل الطريقة نفسها، أو من خارج الاتجاه، والعناية بمواقف الظاهرية حين يلزم الأمر، مع بيان رأينا الخاص وترجيح ما نختاره بالدليل.
أقول هذا غير ناسٍ أن الحديث عن مسالك الشيعة والزيدية والإباضية داخلٌ في إطار الحديث عن طريقة المتكلمين؛ على أني كنت أفرد كل فريق بالذكر حين أرى لزومًا لذلك.
ثم إني بعد ذلك كله لم أجد بدًا من استخدام التطبيقات القانونية، فجئت بأمثلة تطبيقية من القانون على كثير من القواعد، الأمر الذي يبين إمكان الإفادة من قواعد التفسير عندنا في فهم النصوص القانونية، كما أسلفت، ولقد عملت على المقارنة في عدد من المسائل التي جرى بحثها عند رجال القانون، كما في دلالة النص ونسبتها من القياس، والأخذ بمفهوم الموافقة بوجه عام، والأخذ بمفهوم المخالفة، حيث ينبني على هذه الضوابط العامة آثار كثيرة في التفريع.
وإني إذ أقدّم هذا البحث المتواضع، لا أزعم لنفسي أنني أشفيت على الغاية، ولكنها محاولة إسهام في أمر أعتقد أنه بالغ الخطورة في كياننا الفقهي، وثروتنا التشريعية العظيمة، خصوصًا أن موضوع تفسير النصوص - إلى جانب أهميته الأصيلة في ذاته - كان ملتقى عدد من علوم الإسلام؛ من لغة، وتفسير، وأصول، وفقه، وحديث، ومصطلح، واختلاف، وغير ذلك، كالمنطق وما إليه، الأمر الذي يخدم هذا الركن من أركان التشريع، وهو الاستنباط من النص، عن طريق فهمه، والكشف عن معانيه ومدلولاته.
ولقد يبدو الأمر أكثر أهمية، إذا كنا على ذكر من أن مناهج تفسير النصوص التي يحتويها أصول الفقه، قد دخلت منذ زمن غير يسير طور الجمود على الشكل النظري في أذهان كثير من المؤلفين، وذلك ما باعدها عن السمة العملية التي هي طابعها الأصيل من قبل، ولعل الكشف اليوم عن خصائصها العظيمة، مع التطبيقات العملية، والعناية بربط الفروع والأحكام بالقواعد التي تنتمي إليها من الأصول، يساعد - بتعاون الباحثين - على أن تؤدي هذه المناهج دورها من جديد في عالم الفقه والقانون.