للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النظر فقط، دون أن يكون لديهم أدلة من النصوص الصحيحة كالتي عند الآخرين.

٢ - أما عدم التسليم بدلالة حديث ابن عباس: "إن الله وضع عن أمتي .... ": على أن طلاق المكره لا يقع فهو - كما رأينا - قائم على اصطلاح قد لا يسلم به كثير من الآخرين.

على أنا نريد أن نعيد إلى الذاكرة، ما قلناه سابقًا من أن اعتبار هذا الحديث في عداد أمثلة المقتضى، هو رأي المتقدمين من الحنفية ومعهم أبو زيد الدبوسي من المتأخرين.

أما البزدوي والسرخسي ومن تابعهما: فلا يرون (الحكم) الذي قدر في الحديث من "المقتضى" بل من "المحذوف"، ولما كانوا يقولون بعموم المحذوف، اعتبروا لفظ (الحكم) هنا من المشترك، والمشترك لا عموم له في نظرهم.

وهكذا انصرفت دلالة الاقتضاء في الحديث، إلى الحكم الأخروي - وهو المؤاخذة - عند المتقدمين والمتأخرين.

أما المتقدمون ومعهم الدبوسي: فلأنه من المقتضى، والمقتضى لا عموم له. وأما المتأخرون: فلأن لفظ الحكم الذي قدّرناه بدلالة الاقتضاء من المشترك. وإذا كان الأمر في كلا الحالين اصطلاحيًا: فإنما يقوى الحكم الذي ينبني على الاصطلاح، أو يضعف؛ بقدر ما يتهيأ له من الأدلة والقرائن. ولقد رأينا من كبار التابعين: كعطاء من يستدل على عدم الوقوع بقوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ﴾ [النحل: ١٠٦] ويقول: الشرك أعظم من الطلاق. وقد سلك عطاء هذه الطريق في الاستدلال قبل أن تتحدد قواعد أصول الفقه، فيقولَ قوم: للمقتضى عموم، ويقولَ آخرون: لا عموم له.

٣ - إن حديث "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق" واضح في الدلالة على المراد؛ فقد نفى رسول الله أن يقع واحد من هاتين في حالة الإكراه، ولئن فسر بعضهم الإغلاق بالغضب، لقد ردّ جمهور العلماء هذا التفسير؛

<<  <  ج: ص:  >  >>