للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ﴾ [المجادلة: ٧] ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢)[القيامة: ٢٢]. ونسبة المجيء إليه في قوله تعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)[الفجر: ٢٢] والنزول الوارد في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة من قوله : "ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثُلث الليل الآخر يقول: مَن يدعوني فأستجيب له؟ مَن يسألني فأعطيه؟ مَن يستغفرني فأغفر له؟ " (١).

ومثل ذلك قوله فيما رواه الطبري في "التفسير" عن أبي هريرة: "إن الله ﷿ يقبل الصدقة بيمينه ولا يقبل منها إلا ما كان طيبًا، والله يربّي لأحدكم لقمته كما يربّي أحدكم مهره وفصيله حتى يوافي يوم القيامة بها وهي أعظم من أُحد" (٢).

قال الترمذي: (٢/ ٢٣ - ٢٤) وقال غير واحد من أهل العلم، في هذا الحديث، وما يشبه هذا من الروايات من الصفات، ونزول الرب كل ليلة إلى السماء الدنيا - قالوا: قد ثبتت الروايات في هذا، ونؤمن بها، ولا يتوهم، ولا يقال: كيف؟ هكذا روي عن مالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك، أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أمرُّوها بلا كيف، وهكذا قول أهل العلم من أهل السنّة والجماعة. وسئل الإمام مالك عن قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الأعراف: ٥٤، و … ] فقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.

وأما الجهمية: فأنكرت هذه الروايات، وقالوا: هذا تشبيه. وقد ذكر الله في غير موضع من كتابه: اليد، والسمع، والبصر. فتأولت


(١) انظر ما سبق (ص ٢٣٦) حاشية. ومعنى هذا الحديث ثابت من حديث أبي هريرة من أوجه كثيرة. فقد رواه أحمد وأصحاب الكتب الستة ما عدا أبا داود كما رواه ابن حبان وابن خزيمة. وقد جاء في ألفاظ هذا الحديث: (في يد الله) و (في كف الله) و (كف الرحمن).
(٢) انظر: "تقويم الأدلة"، و "أصول السرخسي" (١/ ١٦٩)، و "التلويح" (١/ ١٢٩)، و"المرآة" (١/ ٤١٣). وكون العبد مبتلىً به بنفس الاعتقاد: يعني أن ذلك غيْر داخل في مجال التكليف العملي من العبادات والمعاملات وغيرها من قضايا الفقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>