للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتشابه بهذا المعنى، موجود في نصوص الكتاب والسنة (١) وأن مواطن وجوده منها، هو ما له علاقة بالعقيدة وأصول الدين.

وأما النصوص المتعلقة بالأحكام التكليفية: فليس فيها لفظ متشابه، لا سبيل إلى علم المراد منه.

ومن المتشابه بهذا المعنى: الحروف المقطعة التي بدئت بها بعض سور القرآن الكريم مثل: آلم، آلمر، حم، حم عسق، ص، ن، ق .. إلخ.

فهذه الحروف في أوائل السور، لا تدل بنفسها على المراد منها، ولم تفسر بكتاب أو سنّة، فهي من المتشابه والله أعلم بمراده.

ومنه أيضًا ما استأثر الله بعلمه دون خلقه؛ من أمور ستكون: نحو الخبر عن وقت طلوع الشمس من مغربها، وقيام الساعة، وفناء الدنيا وما أشبه ذلك.

وهناك نصوص من الكتاب والسنّة جاءت على ذكر بعض الصفات والأفعال منسوبة إلى الله تعالى، قد توهم الحدوث ومشابهة الخلق، والله تعالى هو المنزَّه سبحانه عن التمثيل والتشبيه والجهة والجسمية … ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)[الشورى: ١١]. فهذه النصوص نُمرَّها بلا تأويل ولا تكييف ولا تعطيل؛ من أمثلة ذلك: ما جاء من نسبة العين واليد والوجه والمكان مثل قوله تعالى: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ [طه: ٣٩] ﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا﴾ [هود: ٣٧] ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ [الفتح: ١٠] ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [المائدة: ٦٤] ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٢٧)[الرحمن: ٢٧] (٢) ﴿مَا يَكُونُ


(١) هذا ما عليه الأئمة المعتبرون وإن اختلفوا في بعض الجزئيات، وقد جنح الشيخ عبد الوهاب خلاف إلى القول بعدم وجود المتشابه في القرآن، واحتج بما لا يغني إمام الاتجاه الآخر الذي توافرت له أوضح الأدلة وأقواها، ويبدو أنه لا مسوَّغ لتخوف الشيخ من وجود ما استأثر الله يعلمه في القرآن، لأن الأمر لم يتجاوز إلى نصوص الأحكام التكليفية - كما سنرى - وإذن فسلوك جادة السلف في فهم الكتاب والسنّة أوْلى وأحرى. انظر: "علم أصول الفقه" الخلاف (ص ٢٠٨ - ٢٠٩).
(٢) أخرجه البخاري (١١٤٥) وانظر: "شرح حديث النزول" (ص ٦) لشيخ الإسلام ابن تيمية، نشر المكتب الإسلامي بدمشق سنة ١٣٨١ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>