للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إطعام العدد من المساكين، ولهذا فإنا ترجح ما ذهب إليه الحنفية من جواز أخذ القيمة، مخالفين من استبعد تأويلهم للنص، أو حكم عليه بما هو أكثر من البُعد.

وعمدتنا في هذا الترجيح ما يلي:

١ - إن الاحتمال في أن يكون المراد بالشاة، وجوبَ القيمة إلى جانب التعبيين، واقع على الأقل من ناحية اللسان العربي، والعبرة في الدليل الذي يقوى على دفع هذا الاحتمال إلى رتبة الرجحان على الظاهر. وقد وجد الدليل نصًا ومعقولًا.

أ - أما النص: فقد روي أن معاذًا قال لأهل اليمن: "ائتوني بخميس مكان الذرة والشعير: أهون عليكم، وخير لأصحاب رسول الله بالمدينة" (١).

فقد قبل معاذ بدليل العين الواجبة في الزكاة، من ذرة، وشعير، ثيابًا يسهل وجودها في اليمن، ويعزُّ في الحجاز، فهي أسهل دفعًا على المكلفين، وأوفر مصلحة لأصحاب النبي لحاجتهم إليها في المدينة.

ب - وروى البخاري أيضًا من حديث ثمامة أن أنسًا حدّثه أن أبا بكر كتب له فريضة الصدقة التي أمر الله ورسوله : "مَن بلغتْ عنده من الإبل صَدَقَةُ الجَذَعَةِ - وليست عنده جذعة وعنده حُقَّة - فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استَيسرنا له أو عشرين درهمًا، ومَن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده الحقة وعنده الجذعة، فإنها تقبل منه الجذعة ويعطيه المصدّق عشرين درهمًا أو شاتين .. " (٢) الحديث.


(١) رواه البخاري معلقًا. وقد وصله يحيى بن آدم القرشي في كتاب "الخراج". وانظر: "مقدمة فتح الباري" (ص ١٥)، "التقرير والتحبير" شرح "التحرير" (١/ ١٥٧). والخميس من الثياب: ما طوله خمسة أذرع وفي رواية للبخاري (خميص) فيكون مذكرَ الخميصة وهي كساء صغير فاستعارها للثوب "النهاية". واللبيس: الثوب يُلبس كثيرًا.
(٢) راجع: "صحيح البخاري" (٢/ ١١٧) (١٤٤٨)، النسائي (٢٤٤٧)، اين ماجه (١٨٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>