للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعاني، ولا يكون لأحد ذهب إلى معنًى منها: حجة على أحد ذهب إلى معنًى غيره، ولكن الحق فيها واحد؛ لأنها على ظاهرها وعمومها؛ إلا بدلالة عن رسول الله ، أو قول عامة أهل العلم بأنها على خاص دون عام، وباطن دون ظاهر، إذا كانت - إذا صرفت إليه عن ظاهرها - محتملة للدخول في معناه (١).

أما أبو جعفر الطبري: فتفسيره الجامع يفيض بما يؤكد هذا المعنى، فهو كثيرًا ما يقول: (وغير جائز ترك الظاهر المفهوم إلى باطن لا دلالة على صحته) (٢).

وفي موطن من المواطن عند تأويل قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (١١٧)[البقرة] يذكر أن الأوْلى بالصواب أن يقال: (هو عام في كل ما قضاء الله وبرأه، لأن ظاهر ذلك ظاهر عموم. وغير جائز إحالة الظاهر إلى الباطن من التأويل بغير برهان) (٣).

والخطابي (٤) من رجال المائة الرابعة للهجرة: أوضح هذا الأمر في كتابه "معالم السنن" شرح سنن أبي داود بطريقة الاختيار أكثر من مرة. فعند ذكره لما رواه أبو داود عن عائشة أنها قالت: قال رسول الله : "مَن أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد".


(١) راجع: المصدر السابق (ص ٢٧ - ٢٨).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (٢/ ١٥)، وراجع: (١/ ٧٢) التعليق رقم ٢ لأستاذنا محمود محمد شاكر.
(٣) راجع: "تفسير الطبري" (٢/ ٥٤٦).
(٤) هو حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي أبو سليمان من نسل زيد بن الخطاب أخي عمر بن الخطاب فقيه محدث من أئمة الشافعية في القرن الرابع الهجري، بين العلماء خلاف حول حقيقة اسمه هل هو "حمد" بسكون الميم أو "أحمد" قال : اسمي "حمد" وكتبها الناس "أحمد" فتركته. من مصنفاته: "معالم السنن" شرح علمي رائع لـ "سنن أبي داود" بطريقة الاختيار "شرح البخاري" و "إصلاح غلط المحدثين" و "غريب الحديث" وغير ذلك، وله شعر أورد منه الثعالبي في "يتيمة الدهر" نتفًا جيدة، توفي سنة ٣٨٨ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>