للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٤)[التوبة] وبيّن مصارفها بذكر الأصناف الثمانية، وذلك في قوله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [التوبة: ٦٠].

أقول: إذا كان القرآن قد جاء بذلك كله، إنه لم يبين بالتفصيل حد المكلَّف بالزكاة، وما هو النصاب الذي تجب فيه الزكاة، ولا المقدار الواجب دفعه، وما هي مواقيتها وعددها. حتى جاءت السنّة بالبيان لكل ذلك.

وقد روى العلماء في تفصيل ما أجمله الكتاب عددًا من الأحاديث الصحيحة مما كتبه رسول الله إلى عمَّاله على الصدقات، أو مما حدَّث به أصحابه. من ذلك ما روي عن أنس، أن أبا بكر كتب لهم "إن هذه فرائض الصدقة التي فرض رسول الله على المسلمين، التي أمر بها الله ورسوله. فمَن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومَن سئل فوق ذلك فلا يعطه … " (١) ثم فصّل في صدقة المواشي.

ومنها ما جاء عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: "كان رسول الله قد كتب الصدقة، ولم يخرجها إلى عمالها حتى توفي، قال: فأخرجها أبو بكر من بعده فعمل بها، قال: فقد هلك عمر يوم هلك، وإن ذلك لمقرون بوصيته" الحديث (٢).

وعن جابر قال: قال رسول الله : "ليس فيما دون خمس أواق من


(١) انظر: "فتح الباري" (٣/ ١٧٤) عند الكلام على قول البخاري: باب ما أدي زكاته فليس بكنز لقول النبي : "ليس فيما دون خمس أواق صدقة"، قلت: ومما ورد في التوعُّد على ترك الزكاة ما جاء في تفسير ﴿الْمَاعُونَ﴾ بأنه الزكاة المفروضة؛ فقد روي ذلك عن علي وابن عباس وابن الحنفية والضحاك وغيرهم.
راجع: "الرسالة" للشافعي (ص ١٨٧)، "الدر المنثور" للسيوطي (٦/ ٤٠١).
(٢) رواه أبو داود (١٥٧٦) وابن ماجه (١٨٠٠)، والنسائي في "المجتبى" (٢٤٤٦).
وانظر: "منتقى الأخبار"، و"نيل الأوطار" (٤/ ١٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>