للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستعمل على وجوه متعددة كما رأينا أنفًا: لا يعني أن كل معنًى من هذه المعاني هو على الحقيقة.

ومدار الخلاف: هو المعنى الحقيقي للأمر، لأن التسوية مثلًا أو غيرها مما سبق، إنما استفيدت من القرائن.

فإذا ورد أمر من الأوامر في نص من نصوص الكتاب أو السنة، فهل يدل على الوجوب؟ ومعنى ذلك أن تاركه عاص مستحق للعقاب والمكلف لا يخرج من العهدة إلا بالإتيان بالمأمور به. أم أنه للمندب فلا يستحق المكلف العقاب يتركه، أم هو للإباحة فقط، أم هو لغير ذلك من المعاني؟.

لقد حملت إلينا كتب الأصول عددًا من المذاهب في هذا الموضوع نعرض لأهمها، ثم نرجح ما نختار فيما يلي:

الأول: ما ذهب إليه الجمهور: وهو أن الأمر يدل على الوجوب حقيقة، وإنما يصرف إلى غيره بقرينة، وقد ذكر الجويني والآمدي أنه مذهب الشافعي (١) وقال أبو بكر الجصاص من الحنفية: (هو مذهب أصحابنا، وإليه كان يذهب شيخنا أبو الحسن) (٢) وصحح هذا المذهب ابن الحاجب والبيضاوي، والمطهَّر الحلي من الشيعة، وقال الإمام الرازي: إنه الحق - وقيل: هو الذي أملاء الأشعري على أصحاب (٣) أبي إسحاق الإسفراييني (٤).


(١) راجع: "الإحكام" للآمدي (٢/ ٢١٠)، "مختصر المنتهى" لابن الحاجب مع العضد والسعد.
(٢) راجع: "أصول الفقه" للجصاص (ق ٩٦ / ب)، مخطوط دار الكتب المصرية.
(٣) راجع: "منهاج البيضاوي" مع "نهاية السول" للإسنوي (١/ ٢٥٧). "نهاية الوصول إلى علم الأصول" للمطهر الحلي (ص ٤٨ - ٥٢) مخطوط دار الكتب المصرية "المحصول" للرازي (ح ١ ق ٢/ ٦٦، ٦٩ فما بعدها).
(٤) هو إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران، الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني من أعلام الشافعية في الكلام، والأصول، والفقه، وكان ثقة في رواية الحديث، ومن أركان المذهب الأشعري وقيل: إنه بلغ رتبة الاجتهاد. من مصنفاته كتاب: "الجامع في أصول الدين". توفي سنة ٤١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>