للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أن الأمر حقيقة في الندب: وإليه ذهب أبو هاشم وعامة المعتزلة وجماعة من الفقهاء، وقد حكاه الغزالي والآمدي قولًا للشافعي (١).

الثالث: الوقف في تعيين مدلول الأمر حقيقة: وأصحاب هذا المذهب يسمون بالواقفية. وهؤلاء يرون أن الأمر ما دام يستعمل في معان كثيرة بعضها على الحقيقة اتفاقًا، وبعضها على المجاز (٢) اتفاقًا؛ فعند الإطلاق يكون محتملًا للكثير من المعاني، وبسبب هذا الاحتمال، يتوقفون حتى يأتي البيان. وهؤلاء فريقان:

أ - فقد حكي عن ابن سريج (٣) من الشافعية وعن الأشعري - في رواية - وكذلك عن بعض الشيعة، الوقفُ في تعيين المعنى المراد من الأمر عند الاستعمال، لا في تعيين المعنى الموضوع له عند الاستعمال، لأنه موضوع عند هؤلاء بالاشتراك للوجوب، والندب والإباحة، والتهديد.

فإذا جاء الأمر، كان محتملًا لهذه المعاني الأربعة، ولا بد لتعيين المراد من البيان فيتوقفون حتى يرد ذلك البيان (٤).

ب - أما الغزالي والقاضي الباقلاني والأشعري - في رواية - وجماعة من المحققين: فالتوقف كائن عندهم في تعيين الموضوع له الأمرُ حقيقة، وقد صرح الغزالي بهذا المذهب في "المستصفى" واختاره (٥).


(١) راجع: "مختصر المنتهى" مع "العضد" و "حاشية السعد" (٢/ ٧٩).
(٢) والمجاز - كما هو معلوم - استعمال اللفظ في غير ما وضع له، لقرينة مانعة من الاستعمال الأصلي.
(٣) هو أحمد بن عمر بن سريج البغدادي، أبو العباس فقيه الشافعية في عصره. تولى القضاء بشيراز ونشر المذهب الشافعي في كثير من الآفاق، له نحو ٤٠٠ مصنفًا. توفي سنة ٣٠٦ م.
(٤) راجع: "مختصر المنتهى" (٢/ ٧٩)، "إرشاد الفحول" (ص ٨٩).
(٥) راجع: "المستصفى" (٢/ ٢) فما بعدها، "الفصول اللؤلؤية في أصول الزيدية" (ص ٥١ - ٥٢) مخطوطة دار الكتب المصرية، "البرهان" لإمام الحرمين (لوحة ٤٦) مخطوطة دار الكتب المصرية، "التلويح" (١/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>