للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستعين المفسر على ذلك، بالروح العامة للتشريع، ومبادئه الأصلية، ومسلك المشرع في واقعات أخرى مشابهة، وما إلى ذلك.

ومما لا شك فيه: أن القضاء حين يأخذ بالإرادة المفترضة للمشرع عند وضع التشريع، يختلف حكمه في الواقعة المعروضة، عما لو أخذ بإرادة محتملة للمشرع، وقت تطبيق التشريع.

ومن أمثلة ذلك: أن القانون المدني الفرنسي نصّ على "عدم جواز التصرف في العقار الذي تقدمه الزوجة مهرًا لزوجها"، وسكت عن بيان حكم المنقول؛ فلم يتعرض له؛ فهل يجوز التصرف في المنقول خلافًا للعقار؟ إن أمر معرفة الإرادة الحقيقية للمشرع غير متوافر؛ لأنه ليس أمام المفسر نص يستدل من واقع ألفاظه على تلك الإرادة. وهنا نكون بين أمرين:

فإما أن نأخذ بإرادة مفترضة، وإما أن نأخذ بإرادة محتملة.

فإذا أخذنا بالإرادة المفترضة للمشرع وقت وضع التشريع: وجب القول بجواز التصرف في المنقول، إذ إن النص على العقار دون المنقول: يجعل للمنقول حكمًا مخالفًا لحكم العقار. ولو أراد المشرع أن يسوِّي المنقول بالعقار، لنصّ عليه.

هذا ما يقول به فقهاء مدرسة الشرح على المتون جريًا على خطتهم في التفسير. وحكمة التفرقة بين الحكمين - كما يقولون - ترجع إلى أن المنقول لم تكن له أهمية كبيرة وقت وضع مجموعة نابليون، في أوائل القرن التاسع عشر، ولذلك حمى المشرع العقار دون المنقول.

أما لو أخذنا بالإرادة المحتملة للمشرع، وقت تطبيق هذا النص القانوني، لجاز القول بأن المنقول أصبح لا يقل أهمية عن العقار في الوقت الحاضر مما جعله يستحق الحماية نفسها، بحيث لا يجوز التصرف فيه، كما لا يجوز التصرف في العقار (١).


(١) انظر: الدكتور البدراوي (ص ٣٩٦ - ٣٩٧)، الدكتور حسن كيره (ص ٥٢٢ - ٥٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>