للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب - كما أن دلالة أعداد الجمع مختلفة من غير أولوية للبعض؛ فجمع القلة يصيح أن يراد منه كل عدد من الثلاثة إلى العشرة، وجمع الكثرة يصح أن يراد منه كل عدد من العشرة إلى ما لا نهاية.

فإذا قال قائلٌ: لفلان علي أفلُسُ، يصح بأنه من الثلاثة إلى العشرة فيكون مجملًا (١).

وقد أجيب عن الشق الأولى من هذا الدليل: بأن التأكيد دليل العموم والاستغراق، وإلا لكان تأييسًا لا تأكيدًا، كما صرح بذلك أئمة العربية (٢).

وأجيب عن الشق الثاني، وهو اختلاف أعداد المجمع: بأنا نحمل العام على الكل احترازًا عن ترجيح البعض بلا مرجع فلا إجمال (٣).

٢ - أما الدليل الثاني للواقفية: فهو اعتبارهم العام من المشترك فإنه - أي العام - كما يطلق على الكثير، يطلق على الواحد، والأصل في الإطلاق الحقيقة؛ فيكون مشترَكًا.

وقد جاء في القرآن الكريم ذكر الجمع مرادًا به الواحد؛ وذلك في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ﴾ [آل عمران: ١٧٣]


(١) "التوضيح" (١/ ٣٨).
(٢) راجع: "التلويح" لسعد الدين التفتازاني (٩/ ٣٨) فما بعدها. أما الإزميري في حاشيته على "المرأة": فقد أتى بمسألة التأكيد جوابًا عن الإجمال، فبدلًا من أن يكون ذلك دليلًا للوافقية، اعتبره ردًا على دعوى الإجمال، ودليلًا لأرباب العموم، كما يأتي في أدلتهم. فقال : (وأجيب عن الأول - يعني الإجمال - بأن العام يحمل على الكل احترازًا عن ترجيح البعض بلا مرجح، وبأنه يصح تأكيده بكل وأجمعين، نحو جاءني القوم كلهم أجمعون ﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠)﴾ [الحجر: ٣٠] إلى غير ذلك، والتأكيد دليل العموم والاستغراق وإلا لكان تأسيسًا لا تأكيدًا وقد أجمعوا على أنه تأكيد لا تأسيس). فأنت ترى أن قضية التأكيد بكل وأجمع جاء بها الواقفية دليلًا لهم على خصومهم وإذا بالإزميري يأتي بها دليلًا ضد الواقفية أنفسهم حيث صاغ الجواب على دليل الواقفية بالإجمال بشكل دليل جديد له ردًا على الواقفية. انظر: حاشية الإزميري على "المرآة" (١/ ٣٥٠).
(٣) راجع: "التوضيح" مع "التلويح" (١/ ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>