للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أن في التعليق يبطل الكلام كله، وفي الاستثناء يبطل بعضه.

فالإبطال لا يكون بيانًا حقيقة، لكنه مجاز من حيث إنه يبين أن الرجل يحلف ولا يطلق في التعليق، وأن عليه تسعمائة لا ألفًا في الاستثناء (١).

وهكذا نرى أن هذا البيان هو في الحقيقة إبطال، لذلك كانت تسميته: بيانًا مجازًا.

هذا: ومثل الاستثناء والشرط: بدلُ البعض، نحو أكرم الرجالَ العلماءَ منهم، فإنه بيان تغيير، إذ بقوله: أكرم الرجال، يدخل العلماء وغيرهم، وبقوله: العلماء منهم، يخرج غير العلماء؛ فهو بيان تغيير (٢).

وكذلك الصفة: نحو أكرم بني تميم الطوال. والغاية: نحو أكرم الفقراء إلى أن يدخلوا، فيخرج الداخلون.

ويبدو أن الذين يذكرون هذه القيود، من استثناء، وشرط وغيرهما، على أنها من المغيِّرات، يذكرونها لا على سبيل الحصر، وإنما لاطراد التغيير بها، إذ قد يكون التغيير بغيرها، كما في العطف بعض الأحيان (٣).

على أن أبا زيد الدبوسي وشمس الأئمة السرخسي قد جعلا - كما أسلفنا - بيان التغيير منحصرًا بالاستثناء، واعتبرا التعليق بالشرط، بيان تبديل (٤).


(١) انظر: "المرآة مع المرقاة" (٢/ ١٢٧).
(٢) وقد مثّل بعضهم لذلك بقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧] فخرج غير المستطيع. انظر: "مرقاة الوصول شرح مرآة الأصول" لمنلا خرو (٢/ ١٢٦ - ١٢٧).
(٣) قال صاحب "المرآة": (واعلم أن هذه الأشياء إنما تُعد من بيان التغيير، لاطراد تغييرها وإلا فلا حصر فيها، لوجود مغير غيرها كالعطف مثلًا، فإنه قد يكون مغيرًا كما إذا قال: أنت طالق إن دخلت الدار، وعبدي حر إن كلمت فلانًا إن شاء الله تعالى، فإن عطف الشرطية الثانية على الأولى بعدما لحقها الاستثناء مغيّر لحكم الشرطية الأولى في حق الإبطال) "المرآة مع المرقاة" (٢/ ١٢٧).
(٤) انظر ما سلف (ص ٢٩ - ٣٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>