للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قائم على جواز تخصيصه على أي حال كان من الإخبار والأمر، خلافًا لشذوذ لا يؤبه لهم في تخصيص الخبر.

وما أجمله الغزالي في استدلاله على جواز تخصيص العام: فصله الآمدي حين أثبت أن جواز التخصيص قائم على الشرع والمعقول.

أ - أما في الشرع: فقد وقع التخصيص في الكتاب كقوله تعالى: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢)[الزمر] وليس خالقًا لذاته ولا قادرًا عليها وهي شيء، وقوله تعالى: ﴿مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (٤٢)[الذاريات] وقد أتت على الأرض والجبال ولم تجعلها رميمًا. وقوله تعالى: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ﴾ و ﴿وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ إلى غير ذلك من الآيات الخبرية المخصصة، حتى إنه قد قيل: لم يرد عام إلا وهو مخصص إلا في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩)[البقرة، و … ] ولو لم يكن ذلك جائزًا لما وقع في الكتاب (١).

ب - أما عن الاستدلال بالمعقول: فقد قرر الآمدي: أنه لا معنى لتخصيص العموم سوى صرف اللفظ عن جهة العموم الذي هو حقيقة فيه، إلى جهة الخصوص بطريق المجاز، والتجوزُ غير ممتنع في ذاته.

وأضاف الآمدي إلى ما سبق قوله: (ويدل على جواز التخصيص: الأوامر العامة، وإن لم نعرف فيها خلافًا، كما في قوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ٥] مع خروج أهل الذمة عنه وقوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨] ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور: ٢] مع أنه ليس كل سارق يقطع، ولا كل زان يجلد، وقوله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ [النساء: ١١] مع خروج الكافر والرقيق والقاتل عنه) (٢).


(١) راجع: "الإحكام" للآمدي (٢/ ٤١٠)، وانظر: "البرهان في علوم القرآن" للزركشي (٢/ ٢٧١ - ٢٧٣)، "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص ١٣٤) مطبعة السعادة سنة ١٣٢٧ هـ.
(٢) راجع: "الإحكام في أصول الأحكام" للآمدي (٢/ ٤٠١ - ٤١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>