للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالحنفية لا يجيزون هذا التخصيص، لأن العام من الكتاب أو السنة المتواترة قطعيٌّ في ثبوته وفي دلالته، والقطعي لا يصح تخصيصه بالظني (١).

قال عبد العزيز البخاري: (العام من الكتاب والسنة المتواترة لا يحتمل الخصوص أي لا يجوز تخصيصه بخبر الواحد والقياس لأنهما ظنيان فلا يجوز تخصيص القطعي بهما، لأن التخصيص بطريق المعارضة والظني لا يعارض القطعي) (٢).

أما الجمهور: فيجيزون هذا التخصيص لأن العام عندهم - كما أسلفنا - ظني الدلالة، فيصح أن يخصص بالظني كخبر الآحاد، والقياس الذي ثبتت علته بنص أو إجماع (٣).

هذا وقد أيد الحنفية رأيهم بأن ما ذهبوا إليه هو قول أبي بكر وعمر وعبد الله بن عباس وعائشة : وأوردوا قصة فاطمة بنت قيس مع عمر حين ادعت أنه جعل لها النفقة والسكنى وهي مبتوتة، فقال عمر: "كيف نترك كتاب ربنا لقبول امرأة" ورفض أن يأخذ بحديثها (٤)، والمقصود بالكتاب هنا قوله تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ﴾ [الطلاق: ٦].


= عند المحدثين. وقد قرر الكمال بن الهمام: أن الحق الاتفاق على عدم الإكفار بالمشهور لآحادية أصله، فلم يكن تكذيبًا له بل تخطئة للمجتهدين. وانظر "حاشية ابن عابدين" (١/ ١٧٦ - ١٧٧). نعود إلى التذكير بهذا وإن مر الكثير منه في المجلد الأول: لضرورة ذلك هنا.
(١) راجع: "تقويم الأدلة" للدبوسي (٣٧٨ - ٣٧٩). مخطوطة دار الكتب المصرية، "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار": لعبد العزيز البخاري (١/ ٢٩٤).
(٢) راجع: "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٢٩٤).
(٣) راجع: "مختصر المنتهى" لابن الحاجب مع "شرحه للعضد" و"حاشية السعد" (٣/ ١٤٩ - ١٥١)، "الإحكام" للآمدي (٢/ ٤٧٦، ٤٩١)، "أصول الفقه" للجاجرمي (ق ٣٢) مخطوطة دار الكتب المصرية.
(٤) انظر ما سلف (١/ ٥٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>