قالوا: وكل شيء أظهرته فقد نصصته، ومنه حديث هرقل - كما في النهاية - ينصُّكم، أي يستخرج رأيكم ويظهره.
وقال الشاعر:
أنصُّ الحديث إلى أهله … فإن الأمانة في نصّه
والنص أيضًا: التحريك حتى يستخرج أقصى سير الناقة، ومنه: نصّت الدابةُ في السير إذا أظهرت أقصى ما عندها.
أما النص في الاصطلاح - وقد ردُّوه إلى المعنى اللغوي -:
فقال فيه الدبوسي في "التقويم": "هو الزائد على الظاهر بيانًا إذا قوبل به).
وعرّفه البزدوي، مبينًا مورد الزيادة في الوضوح فقال:(النص ما ازداد وضوحًا على الظاهر بمعنى من المتكلم لا في نفس الصيغة).
وزاد السرخسي التعريف - على عادته - وضوحًا فقال:(أما النص: فما يزداد وضوحًا، بقرينة تقترن باللفظ من المتكلم، ليس في اللفظ ما يوجب ذلك ظاهرًا بدون تلك القرينة)(١).
ولم يكن بدعًا أن يستشهد هؤلاء الأئمة على تحديدهم الذي رأيناه من قبلُ للظاهر، باللغة.
فالدبوسي يراه مأخوذًا من قولك: نصصت الدابة: إذا أظهرتَ سيرها بسبب منك فوق سيرها المعتاد، فهو اسم لما دون الخبب من الأنواع، والمِنصةُ اسم للعرش الذي تحمل عليه العروس لأنها سبب زيادة ظهور.
وقريبًا من كلام الدبوسي، ذكر كل من البزدوي والسرخسي. والقصد من ذلك إيضاح الفارق بين الظاهر والنص.
(١) انظر: "تقويم الأدلة" للدبوسي (٢٠١ - ٢٠٧) مخطوطة دار الكتب المصرية، "أصول البزدوي" (١/ ٤٦). "أصول السرخسي" (١/ ١٦٤).