الناشئ عن دليل، فالاحتمال واقع، وإن كان بعيدًا، وهو في الظاهر أبعد منه في النص.
فإذا كانت الحاجة إلى التفسير، تبدو واضحة عند وجود الاحتمال، فإن هذا - كما يُرى - منطبق على الظاهر والنص؛ إذ احتمال التأويل في الخاص، وصرفه عن معنًى إلى معنًى آخر: قائم، كما أن احتمال التخصيص في العام: قائم أيضًا.
أما في المفسَّر والمحكَم: فالاحتمال منتفٍ، إذ إن كلًا منهما يدل على الحكم قطعًا، والقطع هنا مراد به معناه الأخص، وهو عدم الاحتمال أصلًا. فهما لا يحتملان تأويلًا ولا تخصيصًا.
ومسألة احتمال النسخ - بشروطه - في المفسَّر، ذات علاقة بالتاريخ لتحديد المتقدم والمتأخر، من حيث معرفة نزول الكتاب، أو حدوث السنّة القولية أو العملية الصالحة للنسخ - على صعيد الأحكام - عند من يقول بذلك، ليعلم الناسخ من المنسوخ.
أما من حيث دلالة المفسَّر والمحكَم على المعنى: فما داما يدلان عليه دلالة قطعية لا تحتمل تأويلًا ولا تخصيصًا، فلن نجد بين أيدينا في هذين القسمين من أقسام الواضح، إلا حالة التعارض الظاهري بينهما.
ومن الممكن أن ندخل ذلك في نطاق التفسير - كما أردناه - تجوُّزًا لأن التعارض بينهما قد يُنتج حالة من الإبهام، تزول بمعرفة الأقوى، فيقدم المحكَم على المفسَّر. وإنما قلنا:(تجوُّزًا) لأن الترجيح بعد التعارض، قد يبدو قضاءً على النص، وليس تفسيرًا للنص.
غير أن الذي يدعونا إلى ذلك: هو أن حالات الإبهام التي تنشأ من هذا التعارض الظاهري، بين النصوص في حالاتها المختلفة: قد أسهمت في أسباب الاختلاف بين الفقهاء إلى حد كبير، نتيجة اختلاف الفهوم والمدارك، ومدى الإحاطة بالدليل.
كما أن إثبات التعارض، ثم إزالته عن طريق الحكم بالنسخ، أو التوفيق بين النصوص: كان ذا أثر واضح، في مسالك الاستنباط عند أئمة الفقه في