للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يكون للتحمل؛ فإن شهادة العميان وابني العاقدين، والمحدودين في قذفٍ: صحيحة، حتى إن النكاح ينعقد بشهادتهم، وإن لم تقبل شهادتهم.

ويمكن الجواب عن ذلك: بأن المفسَّر في الآية ليس ﴿وَأَشْهِدُوا﴾ ولكنه ﴿ذَوَيْ عَدْلٍ﴾.

وأن احتمال المجاز والاشتراك في ﴿أَشْهِدُوا﴾ واحتمال التخصيص في ضمير المخاطبين من قوله تعالى: ﴿مِنْكُمْ﴾ لا ينافيان كون ﴿ذَوَيْ عَدْلٍ﴾ مفسرًا لاختلاف المحل. والعدالة لا تحتمل غير القبول، لأنها لم تقصد إلا للقبول، فهي لا تحتمل الأداء، وإن احتمله الإشهاد.

وقد ذكر صاحب "المرآة" (١) هذا الجواب، ولم يعطه القدرة على دفع الإيراد المذكور (٢).

أما الرهاوي في حاشيته على "شرح ابن ملك للمنار": فقد خرج من الاعتراض، بأن النظر على المثال ليس بقوي، وقرر أن إيراد المثال ليس من اللوازم، لأن الأصل يتعهد بالدليل، لا بالمثال، وإيراد المثال للتوضيح والتقريب (٣).

وما ذكره الرهاوي مقبول عندنا إلى حد بعيد، ويمكن أن يضاف إليه، أن الأحكام نسبية، وتعريفات هذه الأقسام من الواضح، ليس ضروريًا أن تبلغ من الدقة ما يمنع عدم التداخل بينها، ولو من وجه، وفي هذا ما يهوّن من أمر عدم انطباق المثال على التعريف من كل الوجوه.

هذا: وحول قبول شهادة القاذف إذا تاب، كلام يُرى في مظانه من كتب


(١) هو محمد بن فراموز بن علي، المعروف بملا - أو منلا أو المولى - خسرو من كبار علماء الحنفية في الفقه والأصول. رومي الأصل. أسلم أبوه، ونشأ هو مسلمًا، فتبحّر في علوم المعقول والمنقول، وولي قضاء القسطنطينية وتوفي بها. من كتبه: "درر الحكام في شرح غرر الأحكام" و "مرقاة الوصول في علم الأصول" وشرحها "مرآة الأصول" و "حاشية على المطول" و "حاشية على التلويح" و "حاشية على أنوار التنزيل"، توفي سنة ٨٨٥ هـ.
(٢) راجع: "المرآة بشرح المرقاة" مع "حاشية الأزميري" (١/ ٤٠٥ - ٤٠٦).
(٣) راجع: "حاشية الرهاوي" (١/ ٣٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>