وها أنذا أقدّم الطبعة الثانية للقراء، لدواع، كان في مقدمتها: ما لمت من تقدير لجنة الحكم في جامعة القاهرة التي كانت برئاسة أستاذنا الكبير الشيخ محمد أبو زهرة، والتي قررت - مشكورة - ما يمكن أن يؤديه نشر هذا البحث من خير على صعيد الفكر الإسلامي بوجه عام، وعلى صعيد الشريعة والقانون بوجه خاص، يضاف إلى ذلك ما كان من إقبال على النسخ المعروضة من الكتاب في الأسواق، حيث استقبله كثير من الباحثين والمعنيين بهذه الشؤون برغبة وحرص كما كان له مكان فسيح في كثير من الجامعات والحمد لله. ولقد عملت على تنقيح الكتاب في الحدود التي تصل بين البحث والقارئ، وأضفت قدرًا من الزيادات التي لا بد منها عند إيضاح فكرة، أو توسع في الاستدلال أو تفريع على أصل. دعاني إلى ذلك رغبة المزيد من الاستيفاء، ثم التيسير والبيان قدر المستطاع لمن يريد معاناة موضوع قد يكون من أشق الموضوعات التي تضمها رحاب الشريعة التي أكرم الله أمتنا بأن تحملها للناس، طريقة هدًى وسعادة للفرد والجماعة، بل وللإنسانية جمعاء، وعلى تنوُّع الفهارس الميسَّرة في الطبعة الماضية، فقد زدتها في هذه الطبعة فهرسًا للأعلام يكون مفتاحًا لما يبتغيه القارئ في كثير من الأحيان.
وإني لأسأل الله المبتدئَ لنا بنعمه قبل استحقاقها، المديمَها علينا، مع تقصيرنا في الإتيان على ما أوجب من شكره، الجاعلَنا في خير أمة أخرجت للناس: أن يرزقنا فهمًا في كتابه، ثم سنّة نبيه، قولًا وعملًا يؤدي به عنا حقه، ويوجب لنا نافلة مزيده (١)، وأن يقيمنا على الطريقة الرائدة في خدمة شريعته، وله الحمد في الأولى والآخرة وهو حسبنا ونعم الوكيل.
* * *
(١) من كلام الإمام الشافعي في "الرسالة" (ص ١٩) بتحقيق العلامة الشيخ أحمد محمد شاكر.