للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي شمول تعريف أبي إسحاق المروزي: ما يتسع للدلالة الناشئة عن العرف الشرعي وغيره، إلى جانب الدلالة الناشئة عن الوضع اللغوي. ومجال ذلك متسع في استنباط الأحكام وتفسير نصوص الكتاب والسنّة، خصوصًا بعد وجود عرف شرعي نشأ بنشأة الإسلام، وبروز أحكام الشريعة.

وهكذا نستطيع أن نقرر في ضوء ما تقدم: أن الظاهر (هو اللفظ الذي يدل على معناه دلالة ظنية، أي راجحة، ويحتمل غيره احتمالًا مرجوحًا) ويستوي في هذه الدلالة أن تكون ناشئة عن الوضع، كدلالة العام على جميع أفراده. أو ناشئة عن العرف، كدلالة الصلاة في الشرع على الأقوال والأفعال المخصوصة، المبتدأة بالتكبير، المختتمة بالتسليم، ودلالة الصوم على الإمساك عن المفطر، من طلوع الفجر الصادق، إلى غروب الشمس (١). وهكذا. . حين تكون الدلالة على بعض المعاني أرجح من بعض: سمي اللفظ بالنسبة إلى الراجح ظاهرًا وسمي بالنسبة إلى المرجوح مؤولًا؛ لكونه يؤول إلى الظهور عند اقتران الدليل.

فمثلًا الاسم المنقول لعلاقة ولم يشتهر - كالأسد - دلالته على المعنى الأول، وهو السبع المفترس من قبيل الظاهر، ودلالته على المعنى الثاني - وهو الرجل الشجاع - من قبيل المؤول.

ونرى عكس ذلك في لفظة الصلاة، التي اشتهرت بمعنًى مخصوص في الشرع كما قدّمنا؛ فهي ظاهرة في المعنى الذي نقلت إليه، مؤولة في المعنى الأول.


(١) عرَّف الغزالي الظاهر بأنه (الذي يغلب على الظن فهم معنًى منه من غير قطع) واعترض الآمدي على هذا التعريف بأنه غير جامع مع اشتماله على زيادة مستغنًى عنها.
أما أنه غير جامع: فلأنه يخرج ما فيه أصل الظن دون غلبة، مع كونه ظاهرًا. وأما الزيادة المستغنى عنها: فهي قوله: (من غير قطع) فإن من ضرورة كونه مفيدًا للظن أن لا يكون قطعيًا. قال الآمدي: والحق في ذلك أن يقال: (اللفظ الظاهر ما دلّ على معنى بالوضع الأصلي أو العرفي ويحتمل غيره احتمالًا مرجوحًا) "الإحكام" (٣/ ٧٢ - ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>