للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أخذ القضاء المصري بهذا المعنى الثاني، معلَّلًا ما جنح إليه، بأن الحِقبة التي يسود فيها الظلام فعلًا هي الحِقبة التي تتوافر فيها حكمة التشديد الذي أراده الشارع، نظرًا لما للظلام من رهبة في النفس، وما يهيئه من فرصة مواتية للجاني تسهل له ارتكاب جريمته.

غير أن محكمة النقض، عادت فأخذت بالمعنى الأول للّيل، فقررت أن مقصود الشارع هو الليل الفلكي، وهو تلك الحِقبة الزمنية المحصورة بين غروب الشمس وشروقها (١).

ب - ومن أمثلة المشكل أيضًا لفظ (الجدك) الذي ورد في المادة/ ٣٦٧/ من القانون المدني المصري القديم التي كانت تنص على أن للمحكمة أن تقضي ببقاء الإيجار لصالح المشتري (الجدك) رغم وجود المنع من التأجير من الباطن في عقد الإيجار.

وإذا عدنا إلى معنى (الجدك)، رأيناه مأخوذًا من الفارسية ومعناه الرفوف المركبة في المحل التجاري، وقد جاء الإشكال من احتمال أن يكون المراد بالنص، مجرد بيع الأرفف، وأن يكون المراد بيع المحل التجاري. وقد انتهت المحاكم المصرية إلى الأخذ بالمعنى الثاني، فقررت أنه لا يجوز استمرار الإيجار لصالح المشتري، إلا إذا كان اشترى المحل التجاري، ولم يقتصر على شراء الأرفف. وقد ساعد القضاءَ على ذلك: أن المعنى هو الذي يتمشى مع العلة مع استمرار الإيجار لصالح المشتري كما نصّ القانون (٢).

* * *


(١) المجموعة الرسمية للنقض ١١، ٢٢ يناير ١٩١٠ رقم ١٢ المجموعة ١٧، ٢٦ يونيه ١٩١٥ رقم ٣٥. وانظر: "المدخل للعلوم القانونية" للأستاذ الدكتور عبد المنعم البدراوي (ص ٢٢٨ - ٢٢٩).
(٢) راجع: "أصول الفقه" للشيخ عبد الوهاب خلاف. للدراسات العليا (الحلقة الأولى ص ١٧٨)، الدكتور البدراوي في "المدخل للعلوم القانونية" (ص ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>