للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزيغ والانحراف واتباع غير ما أنزل الله، وما إلى ذلك من المزالق والدركات التي يرمي بها ابن حزم مَن يؤولون الكلام ويأخذونه على غير ظاهره.

ولقد ذكرنا من قبل - إلى جانب الشروط التي وضعها العلماء في هدي الكتاب والسنّة - أن الأصل عندهم هو الأخذ بالظاهر، ونقلنا في هذا كلامًا عن الشافعي والطبري والخطابي يعطي أن الأصل أخذ الكلام على ظاهره (١).

وإذا توفرت بواعث التأويل: كان الجنوح إليه إنما يقع ضمن إطار محدد وشروط مرسومة، وذلك في نظرنا السبيل الواضحة المأمونة.

ولقد أبنّا من قبل أن الأئمة الأولين، لا تدل سيرتهم العلمية على رضاهم أن تكون المذهبية حاكمة التأويل، وإنما التأويل من وراء الكتاب والسنّة ومفهومات الشريعة ومدلولات اللغة.

ولقد كانت الجادة التي سلكها الجمهور في نزوعهم إلى التأويل - عندما تتوفر بواعثه - سبيلًا واضحة المعالم ضمن حدود وقيود وضوابط متّسقة كل الاتساق مع مقاصد الشريعة السمحة، ورحابة لغة القرآن الكريم.

أما الجمود عند الظاهر: فقد كان سببًا لوقوع الظاهرية في كثير من الغرائب والأحكام التي تبدو نابية عن لغة وروح شريعة الإسلام (٢). وسنكتفي بتقديم بعض النماذج دليلًا لما نقول.

* * *


(١) انظر ما سبق (ص ٣٠٤ - ٣٠٥).
(٢) نقرر ذلك. مع اعتقادنا الجازم أن ما نقوله من وجود غرائب ومتناقضات، لا يغض - على الخصوص - من قدر الإمام ابن حزم، الذي كان - بحق - علَمًا من أعلام تاريخنا العظيم. وفي معرض استنباط الأحكام نذكر بحق - أيضًا - أن كتابَيْه "الإحكام في أصول الأحكام" في أصول الفقه، و "المحلى" في الفقه، من مفاخر ثروتنا التشريعية المباركة على مدى العصور. . والعصمة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>