للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ضعيفًا، وإنما تمسكوا فيه بما ورد عنه أنه قال في صفة النساء: "تمكث إحداهن شطر عمرها لا تصلي" ثم قال صاحب "فتح القدير": (وهو لو صحّ لم يكن فيه حجة لكن قال البيهقي: إنه لم يجده، وقال ابن الجوزي في التحقيق: هذا حديث لا يعرف، وأقره عليه صاحب "التنفيح") (١).

وهكذا يرى أنه ليس في الأمر نص قوي يثبت المدعى، ولهذا تعود المسألة في نظرنا - كما قلنا من قبل - إلى إثبات وجود حالات على شكل معين يمكن أن تكوّن حكمًا. وهذا ما جعل ابن الهمام يقرر أن المقدرات الشرعية مما لا يدرَك بالرأي، للموقوف فيها حكم الرفع؛ إذ هي نقلُ واقعةٍ أنها حصلت.

وبالرغم من عدم اعتماد الشافعي على حديث: (الشطر) وبنائه الحكم على الموجود، وسلوك العلماء من بعده - كما رأينا عند الشيرازي - هذا السبيل في الاستدلال (٢): يرى ابن الهمام - كما يرى فريق من الأصوليين والفقهاء - أن دليل الشافعي على ما ذهب إليه هو ذلك الحديث وهو ما رأيناه عند صاحب "منهاج الوصول" من الزيدية الذي أورده حجة للشافعي ورد هذه الحجة بأنها غير واضحة (٣).

وعلى أية حال: فإنا نؤكد أن الأمر في نظرنا، يجب أن يقوم على الاستقراء وإثبات الوقائع؛ لأنه مرتبط بجبلة الأنثى. وهذا مما سار عليه الشافعي ومَن بعده.

وقد تكون مجموعة الأخبار الضعيفة التي رواها ابن الهمام مبعثًا للميل إلى أن أكثر مدة الحيض عشرة أيام، ولكن لا على أنها - كما قال - تكوّن أصلًا في الشرع لهذه المسألة في الجملة، بينما الغير لا أصل عنده، ولكن


(١) راجع: "فتح القدير" (١/ ١١٢ - ١١٣) وانظر: في الحكم على الحديث أيضًا: "نصب الراية" للزيلعي (١/ ١٩١ - ١٩٢) من باب الحيض.
(٢) راجع: "الأم" للشافعي (١/ ٥٥ - ٤٦)، "المهذب" للشيرازي (١/ ٣٨ - ٣٩).
(٣) راجع: "المغني" لابن قدامة (١/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>