للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذا كانت دلالة الاقتضاء عندهم هي: (الدلالة على معنًى يتوقف عليه صدق الكلام أو صحته شرعًا) (١).

ومن هنا رأينا صاحب "التلويح" بعد أن عرفها بدلالة اللفظ على معنى خارج يتوقف صدقه أو صحته العقلية أو الشرعية قال: (وقد يقيد بالشرعية احترازًا عن المحذوف مثل ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾) (٢).

ويبدو أن الذي بدأ سلوك سبيل التفريق بين المقتضى والمحذوف هو البزدوي (٣)، وجاء السرخسي ففصَّل في الأمر واعتبر من السهو التسوية بينهما؛ لأن المحذوف غير المقتضى.

وعلّل ذلك بأن من عادة أهل اللسان حذف بعض الكلام للاختصار، إذا كان فيما بقي دليل على المحذوف، ثم ثبوت هذا المحذوف من هذا الوجه يكون لغة، وثبوت المقتضى يكون شرعًا لا لغة.

وعلامة الفرق بينهما في نظر شمس الأئمة: أن المقتضى تبع يصح باعتباره المقتضى، إذ صار كالمصرح به، والمحذوف ليس بتبع، بل عند التصريح به ينتقل الحكم إليه، إلا أن يثبت ما هو المنصوص، قال : (ولا شك إن ما ينقل غير ما يصحح المنصوص) (٤).

والأمثلة التي سقناها للمتقدمين والتي أورد بعضها أو جلَّها القاضي الدبوسي، جاء على ذكرها البزدوي موضحًا ما يدخل منها في إطار المقتضى، وما يدخل في إطار المحذوف (٥).


(١) راجع: "أصول البزدوي" مع "الكشف" (١/ ٧٥ - ٧٦) (٢/ ٥٦٤)، "أصول السرخسي" (١/ ٢٥١)، التوضيح مع "التلويح" (١/ ١٣٧).
(٢) راجع: "التلويح" (١/ ١٣٧ - ١٣٨).
(٣) انظر: "أصول البزدوي" (١/ ٧٨) (٢/ ٥٦٢).
(٤) راجع "أصول السرخسي" (١/ ٢٥١ - ٢٥٢) غير أن عبد العزيز البخاري أكد أن حقيقة الفرق بينهم: هي كون المحذوف أمرًا لغويًا، والمقتضى أمرًا شرعيًا، "الكشف" (٢/ ٥٦٥).
(٥) راجع: "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٧٨) فما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>