للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما القول بأن المقتضى: لتصحيح المعنى وتقريره، فلا يصلح مغيرًا له: فمسلم، ولكن المقتضى لتصحيح مجموع الكلام وتقويم معناه، لا لإقرار كلماته - وذلك حاصل مع التغير الذي ذكره البزدوي والسرخسي - فلا يكون مبطلًا، بل مقررًا ومصححًا (١).

هذا: وما أشرنا إليه من أن المتأخرين إنما حملهم على مخالفة المتقدمين والقول بالتفريق بين المقتضى والمحذوف: بعض المسائل التي لم تنطبق على المنهج الذي التزموه، عرض له الشيخ البخاري، وبيّن أنه حجة أيضًا مجروحة وذلك قوله: (وأما المسائل التي صحّت فيها نية العموم وهي التي حملتكم على مخالفة المتقدمين، فليست من باب الاقتضاء على هذه الطريقة أيضًا، لأن المصدر في قوله: (طلِّقي نفسك) مثلًا ليس بمقدّر ولا غير مذكور بل معناه إفعلي فعل التطليق، والكلامان ينبئان عن معنًى واحد إلا أن أحدهما أوجز، مثل الأسد والغضنفر، فكأن المصدر مذكور، فيصح فيه نية التعميم) (٢).

وهكذا يبدو أنه لا مسوِّغ للتفريق بين "المقتضى" و"المحذوف"، وإعطاء كل منهما تسمية معينة إلا اعتبار الاصطلاح، انسجامًا مع أحكام فقهية مقررة، سنعرض لبعضها في كلامنا على عموم المقتضى الذي يُرى أن عدم قبوله محور هام في الموضوع، ولقد رأينا عالِمًا كالرهاوي يشير إلى مسألة الاصطلاح، ثم لا يرى مسوغًا غيرها، إلا الاعتراف بالإشكال في حالة الجنوح إلى عدم التفريق؛ لأن القوم متفقون على عدم القول بعموم المقتضى (٣).

* * *


(١) راجع: "كشف الأسرار على أصول البزدوي" (٢/ ٥٦٦) فما بعدها.
(٢) راجع: المصدر السابق (٢/ ٥٦٨)، "التوضيح" مع "التلويح" (١/ ١٣٨ - ١٤٠).
(٣) راجع: "حاشية الرهاوي" على ابن ملك (١/ ٥٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>