يقولون بمفهوم المخالفة، وأولئك لا يقولون به، ولا يعتبرونه من طرق الدلالة، على اختلاف في تعميم هذا الحكم، حتى يشمل كلام الناس مع نصوص الكتاب والسنّة، أو عدم تعميمه كما سيأتي. إذ إن الحنفية متفقون على عدم الأخذ به في نصوص الكتاب والسنّة.
٣ - ما يسمى بالمنطوق الصريح، والذي سمّاه بعضهم بالنص مع دلالة الإيماء عند المتكلمين، يندرجان فيما أسماء الحنفية مثالًا لدلالة النص، وذلك كما في رجم غير ماعز من المحصَنين، لأن ماعزًا رُجم وهو محصَن.
٤ - دلالة النص عند الحنفية: هي مفهوم الموافقة، أو لحن الخطاب أو فحواه عند المتكلمين، وإن كان بعض الحنفية أيضًا سمّاها "مفهوم الموافقة".
وعلى أية حال: فهذا الطريق من طرق الدلالة على الأحكام معتبر عندهم جميعًا، وهو ما عليه جمهور المسلمين لم يخالف فيه إلا ابن حزم الذي نَقل أن ما جنح إليه هو مذهب الظاهرية.
وأنت ترى أنه - فيما عدا مفهوم المخالفة - يبدو مآل الاصطلاحيين اتفاقًا على الدلالات الأربع عند الحنفية والمتكلمين وإن اختلفت في بعضها التسميات، أو تعددت. على أن اصطلاح الحنفية يبدو أسهل تناولًا وضبطًا للطريق التي تكون دليل الاستنباط. وإن كان اصطلاح المتكلمين يبدو أكثر التصاقًا باللغة في معنى الدلالات.
وما دام الأمر يقوم على الاصطلاح في التسمية، وليس فيه مجافاة للغة التنزيل: فلا مشاحة في الاصطلاح.
نقرر ذلك ونضيف إليه، عدم موافقتنا للحنفية في إهمال الأخذ بمفهوم المخالفة في نصوص الكتاب والسنة، وسيأتي لذلك مزيد من البيان عند تفصيل القول بهذا المفهوم.