للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يؤثر في ذلك أن يفترقا من جهة أن فائدة التخصيص بالذكر في مفهوم الموافقة: تأكيدُ (مثل) حكم المنطوق في محل المسكوت عنه.

وأن فائدة التخصيص بالذكر في مفهوم المخالفة: إنما هي تأكيد (نفيِ مثلِ) حكم المنطوق في محل المسكوت عنه (١).

وعلى هذا: فإذا كان الكلام مقيدًا بقيد، ودلّ النص بمنطوقه على حكم: دلّ بمفهومه المخالف على نقيض الحكم؛ لانتفاء القيد الذي من أجله كان ذلك الحكم.

مثال ذلك قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣)[المائدة].

فإن قوله: ﴿وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ يدل بمنطوقه على أن ما ذبح مقترنًا باسم غير الله تعالى؛ كمخلوق أو صنم، ونحوه: حرام.

ويدل بمفهومه المخالف، على أن ما ذبح، ولم يذكر فيه اسم غير الله: فهو حلال.

وأصحاب هذا الاتجاه هم الجمهور (٢).


(١) راجع: "الإحكام" للآمدي (٣/ ١٠١)، "ابن الحاجب مع العضد والسعد" (٢/ ١٧٣)، "منهاج البيضاوي" مع "شرحه للإسنوي وحواشي الشيخ بخيت" (٢/ ٢٠٥)، "جمع الجوامع" لابن السبكي مع "شرحه للمحلي وحاشية البناني" (١/ ٢٤٧).
(٢) راجع: "الإحكام" للأمدي (٣/ ١٠٢)، "الآيات البيِّنات" لابن قاسم العبادي على شرح المحلى لجمع الجوامع (٢/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>