للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخالف الحنفية في ذلك: فأباحوا تزوج الأمة الكتابية مطلقًا، سواء أكان ذلك عند القدرة على زواج الأمة المؤمنة، أم كان عند عدم القدرة على ذلك. وسواء أكانت هنالك خشية من الوقوع في العنت أم لم تكن، إذ لا يقولون بمفهوم المخالفة، فلا يدل الاشتراط في الآية على عدم الحل عند عدم توافر القدرة، أو عدم خشية العنت.

وقد كنا أشرنا في أكثر من مناسبة، إلى أنهم يرون أن ما لم يتعرض له النص، فهو مسكوت عنه، فيُرجع في حكمه إلى دليل آخر. والزواج بالأمة الكتابية - عند عدم توافر ما اشترط في الآية - مسكوتٌ عنه، وهو مندرج تحت قوله تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤] ولم يوجد ما يخرجه من هذا العموم، جاء في "الهداية" و "فتح القدير": (وعندنا الجواز مطلقٌ في حالة الضرورة، وعدمها، في المسلمة والكتابية، وعند طول الحرة، لإطلاق المقتضى من قوله تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ فلا يخرج منه شيء، إلا بما يوجب التخصيص) (١).

٢ - قال الله تعالى في شأن المطلقات ثلاثًا: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٦].

فهذا النص يدل بمنطوقه على وجوب النفقة للبائنة ثلاثًا إذا كانت حاملًا، وهذا ما عليه اتفاق الفقهاء.

ولكن الاختلاف: وقع في وجوب النفقة لتلك المطلقة، إذا كانت حائلًا.


(١) راجع: "الهداية" مع "فتح القدير" (٢/ ٣٧٦) هذا: وقد حكى صاحب "الروض النضير" أن ما ذهب إليه الحنفية من الجواز مطلقًا، حُكي مذهبًا للإمام زيد بن علي . إذ مفهوم الشرط غير معمول به، ولو سلم فهو قد خرج مخرج الأغلب ولا مفهوم له. راجع: "الروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير" (٤/ ٤٥)، وانظر: "منهاج الوصول إلى شرح معيار العقول" في أصول الزيدية (ص ٤٦) مخطوط دار الكتب المصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>