للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير أنه يلاحظ أن العلماء متفقون على هذا الحكم، اتفاقهم على سابقه، فالأكل أو الشرب حرام بعد طلوع الفجر، يفطر فاعله. ولكن الذين يقولون بمفهوم الغاية، يرونه مدلولًا للتقييد بحتى.

أما الحنفية: فلا يرونه من مدلول النص المقيَّد بالغاية، ولكن تدل عليه نصوص أخرى (١).

ب - ومثل ذلك قوله جل وعلا في شأن طلاق الثلاث: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٢٩) فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٢٣٠)[البقرة].

فالنص واضح في دلالة منطوقه على عدم جل المطلقة ثلاثًا لزوجها الأول، حتى تتزوج برجل آخر.

والتقييد بالغاية بحرف (حتى) يدل على جِلّ المطلقة ثلاثًا لزوجها الأول، بعد أن تتزوج بغيره ثم يفارقها، فالأخذ بمفهوم الغاية: يعطى هذا الحكم.

ولكن إذا كان القائلون بهذا المفهوم يعتبرون الحكم المذكور مدلول التقيُّد بحتى: فإن الحنفية - وهم لا يقولون بمفهوم المخالفة - يرون أن هذا الحكم إنما دلّت عليه نصوص أخرى، ولولا تلك النصوص، لاعتبروه حكمًا مسكوتًا عنه، يُرجع فيه إلى أصله من براءة أو عدمٍ أصلي (٢) … إلخ.


(١) راجع: "الهداية" و "فتح القدير" (٢/ ٦٣). وانظر: "مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول" للتلمساني (ص ٦٨)، "المهذب" للشيرازي (١/ ١٨٢)، "منهاج الوصول" في أصول الزيدي (ق ٤٦/ ب)، "الفصول اللؤلؤية" (ق ١٠٤).
(٢) راجع: "البدائع" (٣/ ١٨٧)، "الهداية" مع "فتح القدير" (٣/ ١٧٤ - ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>