للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينسجم مع مقررات قواعد التفسير عند الأصوليين والفقهاء، تلك القواعد التي تربطها أعظم أواصر القربى والنسب، بالعربية لغة التنزيل التي هي عندنا لغة الشريعة والقانون، دون أن يكون في ذلك إهمال للمصطلحات العرفية عند تعارضها مع ألفاظها، فاللفظ ذو الدلالة العرقية في الاصطلاح: يراعى عند التفسير، ويقدَّم معناه على معنى اللفظ العادي.

وفي حصر القياس الخفي بحالة عدم وجود النص: تحديد واضح للمجال الذي يمكن أن يفيد منه المفسر، إذا عرضت له حالة نصّ عليها القانون، أو عرضت أخرى لم ينص عليها القانون.

وما أحسب أن الحيطة المطلوبة عند الاستنباط بالقياس فيما لا نص فيه: تكون مطلوبة عند تفسير النص الموجود بطريق مفهوم الموافقة في حالتَيْه من المساواة أو الأولوية؛ لأن المفسِّر يستخرج حكمًا يشترك المنطوق بعلة واضحة، لا يحتاج إدراكها إلى جهد وإعمال رأي للاستنباط، وإنما يكفي لذلك معرفته باللغة.

وبعد هذا: فقد لا يكون من معاد القول أن نقرر أن ثروتنا في الأصول والفقه تحتاج منا إلى المزيد من العناية بفهمها وإدراك مصطلحاتها، لتستطيع أن نقول الكلمة التي لا تعوزها سلامة الدليل فيما نريد إصداره من أحكام.

ولقد رأينا من قبلُ مدى الدقة التي اتسمت بها بحوث الأصوليين في مفهوم الموافقة، والنتائج التي ترتبت على اعتباره قياسًا جليًا، أو عدم اعتباره.

فالحنفية: لو اعتبروه قياسًا، لما صلح دليلًا عندهم لإثبات الحدود والكفارات، والذين اعتبروه قياسًا جليًا لم تتأثر أحكامهم بهذا الاعتبار، لأنهم يثبتون الحدود والكفارات بالقياس.

والشيعة الإمامية: لو اعتبروا مفهوم الموافقة قياسًا: لما قالوا به، لأنهم من نفاة القياس. وابن حزم لتمسُّكه بالظاهر على شكل معين - قد يوقعه في التناقض في بعض الأحيان - اعتبر مفهوم الموافقة صورة من صور القياس الذي ينكره ولا يعتبره حجة، وردّ على القائلين به، وهم الجمهرة الكبرى والكثرة الكاثرة من علماء الشريعة الإسلامية!!.

<<  <  ج: ص:  >  >>